مشارق أنوار اليقين - الحافظ رجب البرسي - الصفحة ٥٢
فصل (الباء ظهور الوجود والنقطة تميز للعابد والمعبود) واعلم أن الفيض الأول عن حضرة الأحدية هي النقطة الواحدة، وعنها ظهر ألف الغيب (القلب خ ل) وامتد حتى صار خطه، وهو مركب من ثلاث نقط واحدة وواحدة وواحدة، فالواحدة لها العلم والعقل وروح القدس، وحرفها الألف، ومنها تبتدئ الموجودات وإليها تنتهي، والنقطة الواحدة وهي روح الله ونفخت فيه من روحي، وحرفها الباء وهي الحجاب وهو ظاهرة النقطة الواحدة وجسدها، ولها الحكم الظاهر وحقيقتها النبوة وعنها ظهرت الموجودات وباطنها النقطة الواحدة.
قال عليه السلام: عن الباء ظهر الوجود، وبالنقطة تبين العابد عن المعبود (1)، وقال حكيم: بالباء عرفه العارفون، وما من شئ إلا والباء مكتوبة عليه (2)، فإذا قلت: (الله)، فقد نطقت بسائر الأسماء، وإذا كتبت الألف فقد كتبت سائر الحروف، وإذا نطقت بالواحد فقد ضمنت سائر الأعداد، وإذا قلت النقطة فقد حصرت سائر العوالم، وإذا قلت النور فقد ضمنت الوجود من العدم، وإذا قلت نور النور فقد نطقت بالاسم الأعظم، لمن كان يدري ويفهم، إذ لاحظ للأصم من طيب النغم، ولا فرق عند الأكمه من الليل إذا أظلم، والصبح إذا تبسم، وقال العارف هذا:
ألف الحروف هو الحروف جميعها * والفاء دائرة عليه تطوف وقال الآخر:
يا رب بالألف التي لم تعطف * وبنقطة هي سر كل الأحرف وبقافها الجبل المحيط وصادها * البحر الذي بظهوره لا يختفي ثبت علي هداي وأتمم نوره * يا من به أصبحت عني مكتفي الثالث النقطة الواحدة وهي روح الأمر، وعنها نور أن الوجود في عالم الصور، وهي إشارة ظهور الأفعال، لأن الواحد الحق سبحانه يوجد الأشياء وليس فيها وإلا لكان محدودا، ولا منها وإلا لكان معدودا، لكنه متجل فيها بنور جماله، متخل عنها بكمال جلاله، دان إليها بكبريائه، قائم بها، قيوم عليها، لأن الأحد الحق سبحانه لا يتجزى فيعد، ولا يتكثر فيحد، فالوحدة لازمة له

(1) جامع الأسرار: 563 ح 1163 وشرح دعاء السحر: 64 وفيه تميز بدل تبين ونسبه إلى ابن عربي.
(2) جامع الأسرار: 701 ونسبه لبعض العارفين بلفظ: (ما رأيت شيئا إلا ورأيت...).
(٥٢)
مفاتيح البحث: يوم عرفة (1)، ابن عربي (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 55 57 58 59 ... » »»