مشارق أنوار اليقين - الحافظ رجب البرسي - الصفحة ٣٤١
فصل ومن أين للمنجم معرفة علم حجب الوصي! وهل يخدع بالفال إلا عقول الأطفال؟ هذا ومولاهم عن ذلك قد نهاهم، وهم مع النهي البليغ للكاهن المنجم يعتقدون، ولكذبه يصدقون، وبإفكه يفرحون، ولما حذرهم يحذرون، ولإمامهم يكذبون، وفي أقواله يرتابون، ولفضله ينكرون، ولمن رواه يعادون ويتهمون، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ولما رويت حكاية سلمان، وأنه لما خرج عليه الأسد قال: يا فارس الحجاز أدركني، فظهر إليه فارس وخلصه منه، وقال للأسد: أنت دابته من الآن. فعاد يحمل له الحطب إلى باب المدينة (1) امتثالا لأمر علي عليه السلام، فلما سمعوا قالوا هذا تناسخ. وقالوا وأين كان علي هناك؟ وكيف كان قبل أن يكون؟ وأقبلوا ينكرون ما هم له مصدقون ولا يشعرون.
فقلت لهم: أليس قد روى ابن طاووس في كتاب المقتل مثل هذا بعينه، وقال: إن الحسين لما سقط عن فرسه يوم الطف قالت الملائكة: ربنا يفعل هذا بالحسين وأنت بالمرصاد؟ فقال الله لهم:
انظروا إلى يمين العرش. فنظروا فإذا القائم قائما يصلي، فقال لهم: إني أنتقم لهذا بهذا من هؤلاء. فقالوا بلى. (2).
فقلت: وأين كان القائم هناك؟ وكيف كان قبل أن يكون؟ وأين يكونون أولئك عنده إذا ظهر؟
وكيف رويتم هذا الحديث بعينه فصدقتموه في المستقبل وكذبتموه في الماضي، وما الفرق بين الحالين؟
فيا أيها التايه في تيه حيرته وارتيابه، وهو يزعم أنه مؤمن آمن من عذابه، كيف أنت وما أمنت ولا أمان إلا بالإيمان، والله يقول وقوله الحق: (يا أيها الذين آمنوا آمنوا) (3). فكيف يأمرهم بالإيمان وقد آمنوا؟ ومعناه يا أيها الذين آمنوا بالله وبرسوله آمنوا بسر آل محمد وعلانيتهم، فإن ذلك حقيقة الإيمان وكماله، لأن عليا هو النور القديم المبتدع قبل الأكوان والأزمان، المسبح لله ولا فم هناك ولا لسان، أليس كان في عالم النور قبل الأزمان والدهور، أليس كان في عالم الأرواح قبل

(١) مدينة المعاجز: ٢ / ١١.
(٢) الكافي: ١ / 465، ومعجم الإمام المهدي: 3 / 382.
(٣٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 335 336 337 338 339 341 342 343 344 345 346 ... » »»