مشارق أنوار اليقين - الحافظ رجب البرسي - الصفحة ٣٣٩
ترجعون، وإليه الإشارة بقوله عليه السلام: أنا العابد أنا المعبود (1)، وأثبتوا أن عليا مولى الأنام، وأنه أفضل الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله حظا ونصيبا، وأنه الأعلم والأزهد والأشجع (2) والأقرب (3)، وأنه معصوم واجب الطاعة خصا من العلي العظيم، ونصا من الرؤوف الرحيم.
وأنه صلى الله عليه نص على الحسن، ونص الحسن على الحسين، والحسين نص على علي بن الحسين من بعده، حتى انتهى إلى الخلف المشار إليه (4)، وأن كل إمام منهم أفضل أهل زمانه (5)، وأنه لا يحتاج في العلم إلى أحد، وأن أمرهم واحد ونورهم واحد، ولا يتقدم عليهم إلا من كفر بالله ورسوله، وأن معرفتهم واجبة وطاعتهم لازمة، وأن التبرؤ من أعدائهم واجب كوجوب معرفتهم، وأن فضلهم أشهر من الشمس أحياء وأمواتا، وأن قبورهم ومشاهدهم ملجأ القاصدين وملاذ الداعين، وأنهم الوسيلة والذخيرة يوم الحسرة، وأن التابعين لهم هم أهل النجاة، ولهم في معرفتهم الحسنات.
ولقد رأيت في دهري عجبا رجلا من أهل الفتوى، عالما من أهل الدعوى، قد سئل عن أمير المؤمنين: أيعلم الغيب؟ فعظم عليه السؤال، وكبر لديه هذا المقال، وقال: لا يعلم الغيب إلا الله.
ثم رأيته بعد ذاك باعتقاد جازم، وعقل عادم، ولحية نفيشة، وعقل أخف من ريشة، قد جلس إلي جنب أفاك أثيم، وقال له: كيف ترى حالي في هذه السنة، وكيف طالعي، وهل على نقص أم زيادة، وكيف تجد رملي على ماذا يدل؟ فلما قال له حشوا من الكذب صدقه واعتقده، فقام يصدق الكهان، ويطعن في ولي الرحمن. وجاء مكذب الإمام المعصوم الذي برأه الله من الذنوب، وأطلعه على الغيوب، ويصدق الأفاك الأثيم في تعجيله وتأخيره.
فانظر إلى غيب الأذهان كيف يشرون الكذب بالإيمان، وتصديق قول الكهان، ويرتابون في قول سفير القرآن، ويدعون بعد ذلك الإيمان، وأنى لهم الإيمان، وهم مرتابون في قول العلي العظيم، ويصدقون قول الأفاك الأثيم.

العالية: ٤ / ٨٥ ح ٤٠٣٠، وكنز العمال: ١١ / 753 ح 33670). وعن الشعبي: (كان علي أشجع الناس تقر العرب بذلك) (الإستيعاب: 3 / 363).
(3) الصواعق المحرقة: 270، وجواهر العقدين: 380.
(4) قد فصلنا ذلك في كتابنا النصوص على آل محمد.
(5) قد ذكرنا كون كل إمام أفضل أهل زمانه في كتابنا النصوص على آل محمد.
(٣٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 334 335 336 337 338 339 341 342 343 344 345 ... » »»