مشارق أنوار اليقين - الحافظ رجب البرسي - الصفحة ٢٨٩
فصل (حاجة الخلائق لآل محمد عليهم السلام) فما للمكذبين بيوم الدين، لفضل علي ينكرون، ولحكمه يوم القيامة يجحدون، وعما نالته أذهانهم يصدقون، ولما صعب عليهم فهمه يرفضون، فويل لهم يوم يبعثون، وعلى صاحب الحوض يعرضون، وكيف يرجون؟ إنهم للعذاب ينهلون وهم للعذاب يتعرضون، ألم يسمعهم الذكر المبين؟
الذين يكذبون بيوم الدين (1) يعني ينكرون يوم القيامة وإن صدقوا به ينكرون، إن عليا واليه وحاكمه ثم قال: وما يكذب به إلا كل معتد أثيم (2)، أي ما يكذب بأن حكم يوم الدين مسلم إلى علي إلا كل معتد أثيم، معتد بقوله أثيم في اعتقاده، فيا ويله من حيث الزاد ليوم المعاد، ألم يعلم أن الخلائق يوم القيامة يحتاجون إلى محمد وآل محمد من وجوه؟
الأول أنهم لولاهم لما خلقوا فلهم عليهم حق (3).
الثاني أن علة الوجود أب للموجود فلهم على الناس حق الأبوة، وإليه الإشارة بقوله: أنا وعلي أبوا هذه الأمة (4)، فمحمد وعلي أبوا سائر الخلائق ولولا وجود الأبوين لما كان ولد قط.
الثالث أنهم الوسيلة (5) إلى الله لكل مخلوق من الأزل وإلى الأبد لهم الولاء وبهم الدعاء وإن كل علم ظهر إلى الخلائق فمنهم وعنهم.
الرابع أن الأنبياء ينتظرونهم يوم القيامة إذا كذبتهم الأمم حتى يشهدوا لهم بالتبليغ.
الخامس أن الخلائق يوم القيامة محتاجون إلى الحوض ليردوه والحوض لهم (6).
السادس أن الخلائق يوم الفزع الأكبر تزول عقولهم من هول المطلع إلا من أحبهم فإنه آمن من أهوال يوم القيامة، وإليه الإشارة بقوله: (لا يحزنهم الفزع الأكبر) (7) وهذا خاص لشيعتهم.

(٣) كمال الدين: ١ / ٢٥٤، والبحار: ٢٦ / ٣٣٥.
(٤) تقدم الحديث.
(٥) الإحتجاج: ١ / ٨٨.
(٦) ينابيع المودة: ١ / ٢٥، وجواهر العقدين: ٣٤٣، وتاريخ المدينة: ١ / 38 (7) الأنبياء: 103.
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»