فصل (معنى الرب في القرآن) وبيان المدعى ما شهد به القرآن من قوله سبحانه: وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة (١) فقال: إلى ربها، ولم يقل: إلهها، وذلك لأن الألوهية مقام خاص لا شركة فيه، والربوبية مقام عام يقع فيه الاشتراك لعمومه، ثم قال: ﴿وجاء ربك﴾ (٢) ولم يقل: وجاء إلهك، ثم قال:
الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم (٣) ثم قال: ﴿ارجعي إلى ربك﴾ (٤) فخص النظر والرؤية والتجلي والملاقاة بالرب دون الإله لأن الرؤية والتجلي إنما تكون من ذي الهيئة، والمجئ إنما يصدق على الأجسام والانتقال من حال إلى حال على الله محال، فالمراد من النظر والرؤية، والتجلي هنا الرب اللغوي، ومعناه المالك والسيد والمولى، ومحمد وعلي سادة العباد ومواليهم وملاك الدنيا والآخرة وما فيها ومن فيها، والله ربهم بمعنى معبودهم وهذا خاص وهو رب السماوات والأرض وما فيهن ومن فيهن ورب محمد وعلي ومولاهم الذي خلقهم واجتباهم واختارهم وولاهم، فهو الرب والمولى والإله والسيد والمعبود والحميد والمحمود، وهم الموالي والسادات العابدين لا المعبودين لكنه سبحانه استبعد أهل السماوات والأرض، من أطاعهم فهو عبد حر قد عتق مرتين، ومن عصاهم فقد أبق - ولد زنا قد أبق الكرتين، وشاهد هذا الحق قوله الحق: (أنهم ملاقوا ربهم صريح في ملاقاة آل محمد صلى الله عليه وآله غدا والرجوع إليهم.
فصل والقرآن نطق بتسمية المولى ربا في حكايته عن يوسف عليه السلام في قوله: ﴿إنه ربي أحسن مثواي﴾ (5) وقوله: (اذكرني عند ربك) (6)، وقوله: (ارجع إلى ربك) (7)، فلو لم يكن ذاك جائزا