وكيف يردوه وقد أنكروا أمرهم وردوه؟
وإلى هذه المقامة أشار ابن طاوس فقال: اشكر لمن لولاهم لما خلقت، فهم (صلى الله عليهم) مشكاة الأنوار الإلهية، وحجاب أسرار الربوبية ولسان الله الناطق في البرية، والكلمة التي ظهرت عنها المشية وصفات الذات المنزهة عن الأينية والكيفية، فمن صلى عليهم فقد سبح الله وقدسه، لأن في ذكر الصفات تنزيه الذات، وهم جمال الصفات المنزهة التي تجلى فيها جلال الذات المقدسة، وإليه الإشارة بقوله: بالكلمة تجلى الصانع للعقول، وبها احتجب عن العيون: (١) سلام على جيران ليلى فإنها * أعز على العشاق من أن تسلما فإن ضياء الشمس نور جبينها * نعم وجهها الوضاح يشرق حيثما فصل وتصحيح هذه الدلايل قد صرح بذكره القرآن فمنه قوله سبحانه: ﴿ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله﴾ (2) فقد دل الرب القديم الرحمن الرحيم سبحانه أن كل فضل فاض إلى الوجود والموجود فهو من نعمة الله، وفضل آل محمد لأنهم هم السبب في وجودها ووصولها، فما بال أهل الزمان يخالفون العقل والنقل وينكرون سرائر القرآن الناطقة بفضل آل محمد؟ ويؤولونها بحسب آرائهم، ويسمون من أظهر شيئا من هذا مغاليا ويرفضونه ويهجرونه ولا يعرفونه، ثم يدعون بعد هذا معرفة علي ومحبته ويزعمون أنهم من شيعته، (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجبون) لأنهم اليوم في ريبتهم يترددون فأنى يبصرون.
فما آمن بعلي من أنكر حرفا من فضله وإن بعد عن عقله العديم وخفي على ذهنه السقيم، فليرده إلى قولهم: أمرنا صعب مستصعب (3)، وليتل هناك (لا يعلم تأويله إلا الله)، وليسلك نفسه في سلك قوله:
(والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا)، ولا يندرج في لفيف قوم قاموا في آيات الله يلحدون، ولها يجحدون وعنها يصدون ومنها يصدفون، وهم يحسبون أنهم يحسنون فتراهم لم يقبلوا على الحق برهانا، ولم يصغوا لسماع قول: (وإذا تليت عليهم آياته زادتهم