مشارق أنوار اليقين - الحافظ رجب البرسي - الصفحة ٢١
ورود نسمات أسرار ولي الرحمن، قد اشمأز وقشعر، ومال عن التصديق وأزور، فذاك بعيد عن الإيمان، قريب من الشيطان، لأن حب علي عليه السلام هو المحك بلا شك، فمن تخالجته الشكوك فيه فليسأل أمه عن أبيه (1)، من نقص جوهره عن العيار، فليس له مطهر إلا النار، وإنما دعاهم إلى الإنكار الجهل والحسد، وحب الدنيا التي حبها رأس كل خطيئة، والميل مع النفس والهوى، ومن يتبع الهوى فقد هوى، لأن هذه النفس الإنسانية هي التي تحب أن تعبد من دون الله وأن لا ترى الفخر والسؤدد إلا لها، وأن ترى الكل عبيدا لها، لأنها سلسلة الشيطان التي بها يتدلى إلى هذا الحرم الرباني، وإليها الإشارة بقوله وأجريته مجرى الدم مني، ولذلك قال عليه السلام (أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك) (2) وفي النقل أن الله تعالى لما خلق النفس ناداها من أنا؟ فقالت النفس: فمن أنا؟ فألقاها في بحر الرجوع الباطن حتى وصلت إلى الألف المبسوط وخلصت من رذائل دعوى الأنانية الأينية ورجعت إلى نشأتها، ثم ناداها: من أنا؟ فقالت: أنت الواحد القهار (3)، ولهذا قال: (اقتلوا أنفسكم فإنها لا تدرك مقاماتها إلا بالقهر) (4).

(١) روي أن مبغضه ابن زنا أو حيضة، راجع إرشاد القلوب: ٢ / ٤٣٣، وترجمة علي من تاريخ دمشق: ٢ / ٢٢٤.
(٢) بحار الأنوار: ٧٠ / ٣٦ ح ١ باب ٤٤.
(٣) مجموعة ورام: ٥٩ باب العتاب.
(٤) بحار الأنوار: ٦٠ / 294 باب 39.
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 23 24 25 27 28 ... » »»