مشارق أنوار اليقين في حقائق أسرار أمير المؤمنين عليه السلام) الحمد لله المتفرد بالأزل، والأبد، والصلاة على أول العدد، وخاتم الأمد، محمد وآله الذين لا يقاس بهم من الخلق أحد (1).
وبعد يقول الواثق بالفرد الصمد رجب الحافظ البرسي أعاذه الله من الحسد، وآمنه يوم يفر الوالد من الولد.
اعلم أن بعض الحاسدين، الذين ليس لهم حظ في الدين، من باب كاد الحسد أن يغلب القدر، لما بسطت لهم تجويد الكتاب المجيد، فكان مطويا عنهم أخذوا بطرفيه وأزاحوني، ولما نشرت لهم مطوي منثور الأخبار، وأبرزت إليهم بواطن الأسرار، من خدور الأفكار، حسدوني، وكذبوني، ولاموني، وملوني، وساموني، وسأموني، وكلما وضعت لهم سرير التواضع، ومددت لمودتهم يمين الخاضع، جزموا بعامل الهجر بودي وخفضوني، وأنكروني بعد أن عرفوني، ونكروني بعد أن عرفوني، ولا ذنب لي غير أني رويت زبد الأخبار، ووريت زند الأخيار، فذاع ندها، ونظم خيطها، وذاع شذاها، فضمخ طيبا قبل منها العليل. وبل الغليل، ولما كان أكثرها من الأمر الخفي، والسر المخفي، الذي يضطرب لإيراده القلب السقيم اضطراب السليم، ويطرب لسماعه الفؤاد السليم، إذ لاحظ للمزكوم والمشموم، عند ملاحظة طيب المشروب والمشموم، فهو كما قيل:
ومن يك ذا فم مر مريض * يجد مرا به الماء الزلالا فحمل بعض ما أوردت، جهلا بما أردت، قوم من القردة، إلى آخرين من الحسدة، وأداها من لا يعلم إلى من لا يفهم، والمرء عدو ما جهله، بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه فكانوا كما قيل:
يعرفها من كان من جنسها * وسائر الناس لها منكر أو كما قيل: