الأدلاء، وساقه بسوط القهر إلى ميدان الفناء، وساوى بالموت بين الملوك والفقراء، ذلك لطف وعدل لنفوذ قلم القضاء، والوصول إلى دار البقاء، وإعادتهم بعد الموت لطفا واجبا لإيصال العوض والجزاء، فسبحان من فطر الخلائق، فلم يعي بخلقهم حتى ابتدأهم، ولم يستأنس بهم حين أوجدهم وأنشأهم، ولم يستوحش لفقدهم إذ أماتهم وأفناهم، ولم يعجزه بعثهم إذ هو أهون عليه إذا دعاهم، للمحسنات وناداهم، تبارك القوي القدير، علمه بهم قبل التكوين كعلمه بهم بعد الإيجاد والتبيين، فسبحان من ألهم، ومن له الفضل والمنن. آمنت بذي الملك والملكوت، وأسلمت لذي العزة والجبروت، وتوكلت على الحي الذي لا يموت، الرب المنفرد بالوحدانية وعدم القرين، الحي القوي، العلي الغني عن المعين، شهدت بواجب الوجود، ومفيض الكرم والجود، بالأحدية التي لا تحد، والوحدانية التي لا تعد، والصمدانية التي ليس لها قبل ولا بعد، والإلهية البسيطة التي كل لها ملك ومملوك، وعبدت من سري وفؤادي وروحي وخيالي وسوادي، بأن الله هو الحق المبين وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، الرب الفرد الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد.
شهدت لربي ومولاي مصور ذاتي، ومقدر صفاتي، الذي له نسكي وصلاتي ومحياي ومماتي، بأنه هو الذي لا إله إلا هو رب كل شئ، وخالق كل شئ ومعبود كل شئ، وملك كل شئ، ومالك كل شئ وبيده ملكوت كل شئ، القيوم الأول، قبل وجود كل شئ، والحي الباقي بعد فناء كل شئ، الواحد المسلوب عنه الشبيه والنظير، الأحد الذي لا كمثله شئ، وهو السميع البصير، لا تدركه الأبصار، وهو يدرك الأبصار، وهو اللطيف الخبير، وأن هذه الصفات الإلهية، والمدائح الربانية، لا يستحقها أحد سواه، ولا يملكها ويستوجبها إلا الله وأنه سبحانه حكم عدل لا جور في قضيته، ولا ظلم في مشيئته وأنه تجري الأمور على ما يقضيه لا على ما يرتضيه، وأعتقد أنه من عرف بهذا الاعتقاد وحده، ونزهه عن مشاهدة المحدثات وعبده، وأعلن شكر الإله وحمده، فهو مؤمن مخلص قد شملته العناية والمنة، ووجبت له النجاة والجنة، وذلك كله بلطفه وعنايته وحوله وقوته ومنه وهدايته وإرشاده ودلالته. فسبحان من ابتدأ بالفضل، وكلف بالعدل، ومدح العلم وذم الجهل، وأفاض اللطف، وأوضح السبيل، ونصب الدليل، وأرسل الرسل، وبعث الأنبياء عليهم السلام حكاما لإظهار أمره، ونشر عدله، ونصب الأوصياء عليهم السلام أعلاما لكمال دينه، وبيان فضله، بعثهم بالهدى ودين الحق، رسلا مبشرين ومنذرين، صادقين معصومين، إليه يدعون، وعنه يقولون، وبأمره يعملون، ثم جعلنا وله الحمد من أمة خير الأنبياء عليهم السلام، وأطيب مخلوق من الطين والماء، وأشرف مبعوث شرفت به الأرض والسماء، الجسد المطهر، والروح المقدس المعطر، الذي تعطرت به