سارت بأنوار علمك السير * وحدثت عن جلالك السور والواصفون المحدثون غلوا * وبالغوا في علاك واعتذروا فصل (عدم إدراك حقيقة علي عليه السلام) وكيف لا يعتذرون وأنى يبصرون، وقد روى الأصبغ بن نباتة أن أمير المؤمنين عليه السلام كان يجلس للناس في نجف الكوفة فقال يوما لمن حوله: من يرى ما أرى؟.
فقالوا: وما ترى يا عين الله الناظرة في عباده؟
فقال: أرى بعيرا يحمل جنازة، ورجلا يسوقه ورجلا يقوده، وسيأتيكم بعد ثلاث، فلما كان اليوم الثالث قدم البعير والجنازة مشدودة عليه، والرجلان معه، فسلما على الجماعة، فقال لهم أمير المؤمنين عليه السلام بعد أن حياهم: من أنتم ومن أين أقبلتم وما هذه الجنازة ولماذا قدمتم؟.
فقالا: نحن من اليمن، وأما الميت فأبونا، وأنه عند الموت أوصى إلينا، فقال: إذا غسلتموني، وكفنتموني، وصليتم علي فاحملوني على بعيري هذا إلى العراق، وادفنوني بنجف الكوفة، فقال لهما أمير المؤمنين: هل سألتماه لماذا؟ فقالا: أجل قد سألناه، فقال: يدفن هناك رجل لو شفع في يوم العرض في أهل الموقف لشفع، فقام أمير المؤمنين عليه السلام وقال: صدق، أنا والله ذاك الرجل (1).
فصل (ما عرف علي سوى النبي) وكيف يعرف الناس عليا ويحيطون به خبرا وذلك باب قد سد النبي طريق الوصول إليه، فقال وقوله الحق: (ما عرفك إلا الله وأنا، وما عرفني إلا الله وأنت، وما عرف الله إلا أنا وأنت) (2).
هذا حديث صحيح والناس مع صحته يدعون معرفة الله ورسوله، وصدق الحديث يوجب كذب دعواهم، وصدق دعواهم يوجب كذب الحديث، ولكن الحديث صادق، فدعواهم في معرفة حقيقة الله ورسوله كاذبة، سبحانك ما عرفناك حق معرفتك، لأن حقيقة معرفة الله ومعرفة حقيقة الله غير معلومة للبشر، وكذا معرفة حخيخه محمد وعلي عليه السلام، وإليه الإشارة بقوله: (ما عرف الله