ظهر الناقة وأثارها وغاب عن بصري، قال: فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، وما أقول لمولاي إذا خرج يريد ناقته، قال: فلما مضى من النهار ساعة إذا الناقة قد انقضت كأنها شهاب وهي ترفض عرقا، فنزل عنها ودخل الدار فخرج الخادم، وقال: أعد الناقة مكانها وأجب مولاك، قال: ففعلت ما أمرني ودخلت عليه، فقال: يا صفوان إنما أمرتك إحضار الناقة ليركبها مولاك أبو الحسن، فقلت في نفسك: كذا وكذا فهل علمت يا صفوان إلى أين بلغ عليها في هذه الساعة؟ إنه بلغ ما بلغه ذو القرنين وجاوزه أضعافا مضاعفة وأبلغ كل مؤمن ومؤمنة سلامي (1).
ومن ذلك ما رواه المسيب أن الرشيد لما أراد قتل موسى أرسل إلى عماله في الأطراف فقال:
التمسوا إلى قوم ما لا يعرفون الله أستعين بهم في مهم لي، فأرسلوا إليه قوما يقال لهم العبدة، فلما قدموا عليه وكانوا خمسين رجلا أنزلهم في بيت من بيوت داره قريب المطبخ، ثم حمل إليهم المال والثياب والجواهر والأشربة والخدم، ثم استدعاهم وقال: من ربكم؟ فقالوا: ما نعرف ربا وما سمعنا بهذه الكلمة، فخلع عليهم، ثم قال للترجمان: قل لهم إن لي عدوا في هذه الحجرة فادلوا إليه فقطعوه، فدخلوا بأسلحتهم على أبي موسى عليه السلام والرشيد ينظر ماذا يفعلون، فلما رأوه رموا أسلحتهم وخروا له سجدا فجعل موسى يمر يده على رؤوسهم وهم يبكون، وهو يخاطبهم بألسنتهم، فلما رأى الرشيد ذلك غشي عليه وصاح بالترجمان أخرجهم، فأخرجهم يمشون القهقرى إجلالا لموسى عليه السلام، ثم ركبوا خيولهم وأخذوا الأموال ومضوا (2).