التهمة لها، والتيقظ من خطأها، كان أقرب إلى السلامة، وأبعد من اللائمة، فأما أنه يتمنى السلامة من كل الأخطار، والبلوغ بجميع الأوطار، فذاك ما لا يطمع فيه إلا جاهل معذور أو معجب مغرور.
فأما نحن فمقرون بالعجز والتقصير، معترفون بضعف البضاعة - فيما صنفناه في هذا المسطور - سالكون سبيل المستفيدين، ولولا ما اعتذرنا به في صدر الكتاب من خوف ما عساه أن ننساه، فيفوتنا العمل به، ويفوت غيرنا العلم له، لم نتكلف الجمع بين كلمتين، والنطق ولو بحرفين، فنسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يوفقنا وإياكم لصائب الأقوال وصالح الأفعال، ويحسن لنا السلامة والوقاية في جميع الأحوال، فإنه ولي التوفيق والتسديد، والمأمول منه حسن الخاتمة وتوفير المزيد.
فأحسنوا - أيها الإخوان - مطالعة هذا الكتاب وتصفحه، وطول المراجعة والنظر في معانيه، والاهتمام والعمل بما فيه، وأحسنوا النية، فبها يدرك الفوز بذخائر الخير في الدنيا والآخرة، فالله - سبحانه وتعالى - يسددنا وإياكم، ويؤيدنا - من لطفه وتوفيقه - لما يزلفنا من حسناته، ويقربنا من عفوه ورضوانه، ويبوئنا الفردوس الأعلى من فسيح جناته، بمنه وطوله، وكرمه وجوده، وفضل إنعامه وإحسانه.
ويقول العبد الفقير إلى رحمة ربه وإحسانه ورضوانه، الحسن بن أبي الحسن بن الديلمي: إنني أحببت أن أختم الكتاب بدعاء اخترته من كلام جمعته وهو:
اللهم صف قلبي من الكدر ليتهنأ بمعرفتك، ولساني من العذر ليتخلى لشكرك وعبادتك، وتول صفاء سري ليعي ويرغب في مناجاتك ومجاورتك، وأصلح نفسي لتقف على اتباع أمرك وإرادتك، والقيام بخالص الأعمال في طاعتك وخدمتك، واجمع لي همي حتى لا أنعكف إلا عليك، ولا أقبل إلا إليك، وروح قلبي وروحي بحنينها إلى محبتك، واشغل كلي بما يجذبني إلى رضاك وعبادتك، وأدب جوارحي وفعلي بما يوافق هواك وسابق مشيئتك، وقيدها عن مخالفة أفعال أوليائك وأهل محبتك، ولا تعجل لي هما ولا التفاتا إلى سواك، وآنس أنسي، وطيب نفسي، وطهر بتطهير قدسك جسمي، وأقبل إلي بوجهك الكريم، واشملني بطولك الجسيم، فإني أسألك باسمك العظيم، وملكك القديم، وإحسانك العميم، غفران ذنبي العظيم.
اللهم خذ بعناني لأهتدي، وبجناني حتى لا أعتدي، ولا تتركني وهواي فأرتدي، ولا تنسني تذكري، وأيقظني بتفكري، بما يدلني على اعتباري ومعتبري، في