ولقد أحسن لقمان في قوله:
العلم زين والسكوت سلامة * فإذا نطقت فلا تكن مكثارا ما إن ندمت على سكوت مرة * ولقد ندمت على الكلام مرارا وقال الكسائي - وقد سمعه رجل يحادث عاميا ولا يقيم الإعراب فعجب - فقال الكسائي:
لعمرك ما اللحن من شيمتي * ولا أنا من خطأ ألحن ولكن قسمت الورى قسمة * فخاطبت كلا بما يحسن ومن كلام الحسن البصري، قال لمن كان عنده: والله لقد عهدت أقواما كانوا في الحلال أزهد منكم في الحرام، وكانوا على النوافل أشد حرصا منكم على الفرائض، وكانوا يسترون حسناتهم كما تسترون أنتم سيئاتكم، وكانوا من حسناتهم أن ترد عليهم ولا تقبل منهم أشد وجلا وخجلا منكم على سيئاتكم أن تعذبوا بها، والله ما كانوا مع هذا آمنين، ولقد كانوا خائفين وجلين مشفقين.
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه سأل عن قول الله تعالى ﴿يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة﴾ (1) قالوا: يا رسول الله، قلوبهم وجلة مما يأتون من السيئات. قال: " لا، بل يعملون الحسنات ويبالغون في عمل الصالحات، وهم مع ذلك وجلون خائفون أن يكونوا قصروا ".
ومن كلام حسن ليوسف النبي عليه السلام.
روي أن زليخة لما افتقرت جلست في طريقه، ثم قالت له بعد أن سلمت:
أصابتنا فاقة فتصدق علينا، فالحمد لله الذي جعل العبيد ملوكا بطاعتهم، والملوك عبيدا بمعصيتهم.
فقال لها: غموض النعمة سقم دوامها، فراجعي ما يمحص عنك دون الخطيئة، فإن محل الإجابة قدس القلوب وطهارة الأعمال.
فقالت: ما اجتمعت لي بعد هبة التمام، وإني لأستحيي أن يرى الله لي موقف استعطاف، ولما تهرق العين دمعتها، ويؤدي الجسم ندامته.
فقال لها: فبادري وجدي قبل مزاحمة العدة ونفاد المدة.