كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٣٤٥
وشرطنا الابتداء لأن إرادة هؤلاء إنما يكون تكليفا إذا لم يسبقه غيره إلى إرادة ما أراده ولهذا لا يسمى الوالد مكلفا بأمر الصلاة ولده لسبق إرادة الله تعالى لها منه والمشقة لا بد من اعتبارها ليتحقق المحدود إذ التكليف مأخوذ من مكلفا إذا عرفت هذا فنقول التكليف حسن لأن الله تعالى فعله والله تعالى لا يفعل القبيح ووجه حسنه اشتماله على مصلحة لا تحصل بدونه وهي التعريض لمنافع عظيمة لا تحصل بدون التكليف لأن التكليف لم يكن لغرض كان عبثا وهو محال وإن كان لغرض فإن كان عائدا إليه تعالى لزم المحال وإن كان إلى غيره فإن كان إلى غير المكلف كان قبيحا وإن كان إلى المكلف فإن كان حصوله ممكنا بدون التكليف لزم العبث وإن لم يمكن فإن كان النفع انتقض بتكليف من علم كفره وإن كان التعريض فهو المطلوب إذا عرفت هذا فنقول الغرض من التكليف هو التعريض لمنفعة عظيمة لأنه تعريض للثواب والثواب منافع عظيمة خالصة دائمة واصلة مع التعظيم والمدح ولا شك أن التعظيم إنما يحسن للمستحق له ولهذا يقبح منا تعظيم الأطفال والأراذل كتعظيم العلماء وإنما يستحق التعظيم بواسطة الأفعال الحسنة وهي الطاعات ومعنى قولنا إن التكليف تعريض للثواب أن المكلف جعل المكلف على الصفات التي يمكنه الوصول إلى الثواب وبعثه على ما به يصل إليه وعلم أنه سيوصله إليه إذا فعل ما كلفه.
قال: بخلاف الجرح ثم التداوي والماوضات والشكر باطل.
أقول: هذه إيرادات على ما اختاره (الأول) أن التكليف للنفع يتنزل منزلة من جرح غيره ثم داواه طلبا للدواء وكما أن ذلك قبيح فكذا التكليف (الثاني) أن التكليف طلبا للنفع يتنزل منزلة المعاوضات كالبيوع والإجارات وغيرها ولا شك أن المعاوضات تفتقر إلى رضاء المتعاوضين حتى أن من عاوض بغير إذن صاحبه فعل قبيحا والتكليف عندكم لا يشترط فيه رضاء المكلف
(٣٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 ... » »»