كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ١٨٠
أقول: هذه المسألة من أجل المسائل وأشرفها في هذا الكتاب وهي المعركة العظيمة بين الأوائل والمتكلمين وقد اضطربت أنظار العقلاء فيها وعليها مبنى القواعد الإسلامية وقد اختلف الناس فيها فذهب المسلمون واليهود والنصارى والمجوس إلى أن الأجسام محدثة وذهب جمهور الحكماء إلى أنها قديمة وتفصيل أقوالهم في ذلك ذكرناه في كتاب المناهج إذا عرفت هذا (فنقول) الدليل على أن الأجسام حادثة أنها لا تخلو عن جزئيات متناهية حادثة وكلما هذا شأنه فهو حادث فالأجسام حادثة أما الصغرى فلأن الأجسام لا تخلو عن الحركة والسكون وهي أمور حادثة متناهية وأما بيان عدم انفكاك الجسم عنهما فضروري لأن الجسم لا يعقل موجودا في الخارج منفكا عن المكان فإن كان ثابتا فيه فهو الساكن وإن كان منفكا عنه فهو المتحرك وأما بيان حدوثهما فظاهر لأن الحركة هي حصول الجسم في الحيز بعد أن كان في حيز آخر والسكون هو الحصول في الحيز بعد أن كان في ذلك الحيز فماهية كل واحد منهما تستدعي المسبوقية بالغير والأزلي غير مسبوق بالغير فماهية كل واحد منهما ليست قديمة وأيضا فإن كل واحد منهما يجوز عليه العدم والقديم لا يجوز عليه العدم أما الصغرى فلأن كل متحرك على الاطلاق فإن كل جزء من حركته يعدم ويوجد عقيبه جزء آخر منها وكل ساكن فإنه إما بسيط أو مركب وكل بسيط ساكن يمكن عليه الحركة لتساوي الجانب الملاقي منه لغيره من الأجسام والجانب الذي لا يلاقيه في قبول الملاقاة فأمكن على غير الملاقي الملاقاة كما أمكنت على الملاقي لكن ذلك إنما يكون بواسطة الحركة فكانت الحركة جائزة عليه وأما المركب فإنه مركب من البسائط ونسوق الدليل الذي ذكرناه في البسيط إلى كل جزء من أجزاء المركب وأما الكبرى فلأن القديم إن كان واجب الوجود لذاته استحال عدمه وإن كان جائز الوجود استند إلى علة موجبة لاستحالة
(١٨٠)
مفاتيح البحث: يوم عرفة (1)، الجواز (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»