البشر من أبى فقد كفر " (1).
السادس عشر: من الوجوه العقلية: علي (عليه السلام) أعلم الخلق بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والأعلم أفضل، بيان المقدمة الأولى بالإجمال والتفصيل:
أما الاجمال فهو أنه لا نزاع أنه (عليه السلام) كان في أصل الخلقة في غاية الذكاء والاستعداد للعلوم، وكان النبي (صلى الله عليه وآله) في غاية الحرص في تربيته وإرشاده إلى اكتساب الفضائل، ثم إن عليا (عليه السلام) نشأ من أول صغره في حجر النبي (صلى الله عليه وآله)، وفي كبره صار ختنا له، وكان يدخل عليه في كل يوم، ومعلوم أن مثل هذا التلميذ إذا كان بهذه الأوصاف وكان أستاذه بالأوصاف المذكورة، ثم اتفق لهذا التلميذ أن اتصل بخدمة مثل هذا الأستاذ في زمان الصغر وفي كل الأوقات، فإنه يبلغ المبلغ التام من العلم.
أما أبو بكر وأمثاله فإنهم اتصلوا بخدمة الرسول (صلى الله عليه وآله) في زمان الكبر، ثم إنهم ما كانوا يصلون إليه في يوم وليلة إلا زمانا يسيرا، وقيل: " العلم في الصغر كالنقش في الحجر، والعلم في الكبر كالنقش في المدر ". فثبت أنه (عليه السلام) كان أعلم من أبي بكر وغيره.
وأما التفصيل فمن وجوه:
أحدها: قوله (صلى الله عليه وآله): " أقضاكم علي " (2) والقضاء يحتاج إلى جميع أنواع العلوم فلما رجح على الكل في القضاء وجب رجحانه عليهم في كل العلوم، وأما سائر الصحابة فقد رجح بعضهم على بعض في علم خاص كقوله (صلى الله عليه وآله):
" أفرضكم زيد بن ثابت " و " أقرأكم أبي ".