دليل النص بخبر الغدير - الكراجكي - الصفحة ٤١
من طعنه في كتاب الثمانية (8) فيه، فليس بقادح في الإجماع الحاصل على صحته، لأن القول الشاذ لو أثر في الإجماع، وكذلك الرأي المستحدث لو أبطل مقدم الاتفاق، لم يصح الإحتجاج بإجماع ولا ثبت التعويل على اتفاق، على أن السجستاني قد تنصل من نفي الخبر (9).
فأما الجاحظ، فطريقته المشتهرة في تصنيفاته المختلفة، وأقواله المتضادة المتناقضة، وتأليفاته القبيحة في اللعب والخلاعة، وأنواع السخف والمجانة، الذي لا يرتضيه لنفسه ذو عقل وديانة، يمنع من الالتفات إلى ما يحكيه، ويوجب التهمة له فيما ينفرد به ويأتيه.
وأما الخوارج الذين هم أعظم الناس عداوة لأمير المؤمنين عليه السلام فليس يحكي عنهم صادق دفعا للخبر (10)، والظاهر من حالهم حملهم له على وجه من التفضيل،

(٨) رسالة من رسائل الجاحظ طرح فيها جملة من الآراء والمعتقدات الشاذة، نقضها أبو جعفر محمد بن عبد الله الإسكافي (ت ٢٤٠ ه‍) وهو من أكابر علماء المعتزلة ومتكلميهم حيث يندر أن تخلو كتبهم من آرائه، ويقال: إنه صيف سبعين كتابا في الكلام منها: " المقامات في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام " و " نقض العثمانية ".
وقد نقل ابن أبي الحديد المعتزلي جوانب متعددة من هذه الرسالة ونقضها.
أنظر: شرح نهج البلاغة ٧: ٣٦، 13: 215 - 294، 16: 264.
(9) قيل: إن ابن أبي داود لم ينكر الخبر، وإنما أنكر كون المسجد الذي بغدير خم متقدما، وقد حكي عنه تنصله من ذلك والتبرئ مما قذفه به محمد بن جرير الطبري.
أنظر: الشافي في الإمامة 2: 264.
(10) قال السيد المرتضى - رفع الله في الخلد مقامه -: " أما الخوارج فما يقدر أحد على أن يحكي عنهم دفعا لهذا الخبر، أو امتناعا من قبوله، وهذه كتبهم ومقالاتهم موجودة معروفة، وهي خالية مما ادعي، والظاهر من أمرهم حملهم الخبر على التفضيل وما جرى مجراه من ضروب تأويل مخالفي الشيعة، وإنما آنس بعض الجهلة بهذه الدعوى على الخوارج ما ظهر منهم فيما بعد من القول الخبيث في أمير المؤمنين عليه السلام، فظن أن رجوعهم عن ولايته يقتضي أن يكونوا جاحدين بفضائله ومناقبه ".
أنظر: الشافي في الإمامة 2: 264.
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»