الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ٦٠
فإن قالوا: فقد قال تعالى: ﴿فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب﴾ (1) وذلك يبطل الخبر.
قيل لهم: ليس في ذلك بيان المال أيضا وفي الآية ما يدل على أن المراد النبوة والعلم لأن زكريا خاف على العلم أن يندرس.
وأما قوله: (وإني خفت الموالي من ورائي) يدل على ذلك لأن الأنبياء لا تحرص على الأموال حرصا يتعلق خوفها بها وإنما أراد خوفه على العلم أن يضيع فسأل الله تعالى وليا يقوم الدين مقامه.
وقوله: (ويرث من آل يعقوب) يدل على أن المراد العلم والحكمة لأنه لا يرث أموال آل يعقوب في الحقيقة وإنما يرث ذلك غيره، فأما من يقول: المراد في (إنا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة) لا يدل على إنا لا نورث الأموال فكأنه أراد أن ما جعلوه صدقة في حال حياتهم لا يورثون فركيك (2) من القول لأن إجماع الصحابة بخلافه لأن أحدا لم يتأوله على هذا الوجه لأنه لا يكون في ذلك تخصيص للأنبياء ولا مزية لهم ولأن قوله: (ما تركناه صدقة) جملة من الكلام مستقلة بنفسها ولا وجه إذا لم يكن ذلك فيها أن يجعل من تمام الكلام الأول فكأنه عليه السلام مع بيانه (3) أنهم لا يورثون بين جهة المال الذي خلفوه لأنه كان يجوز أن لا يكون ميراثا ويصرف إلى وجه آخر (4).

(١) مريم ٥ و 6.
(2) غ " فباطل ".
(3) المغني 20 ق 1 / 330.
(4) أي " ما تركناه صدقة " جملة مستقلة أتى به أي بهذا القول مع بيان أنه ليس ميراثا لنفي جواز أن يصرف في وجهه.
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»