فأما قوله: (إن الضعف الذي وصفه به إنما أراد به الضعف عن القيام بالإمامة لا ضعف الرأي) فهب إن الأمر كذلك أليس قد جعله أحد من يجوز أن يختار للإمامة، ويفوض إليه مع أنه ضعيف عنها، وهذا بمنزلة أن يصفه بالفسق ثم يدخله في جملة القوم، لأن الضعف عن الإمامة مانع منها كما أن الفسق كذلك، وهذا الكلام يأتي على جميع ما ذكره في الفصل (1).
قال صاحب الكتاب: (شبهة لهم أخرى وربما قالوا: إنه أبدع في الدين ما لا يجوز كالتراويح، وما عمله في الخراج الذي وضعه على السواد، وفي ترتيب الجزية، وكل ذلك مخالف القرآن والسنة، لأنه تعالى جعل الغنيمة للغانمين، والخمس منها لأهل الخمس، فخالف القرآن وكذلك السنة تنطق في الجزية أن على كل حالم دينارا فخالف ذلك، والسنة أن الجماعة لا تكون إلا في المكتوبات فخالف السنة).
وأجاب عن ذلك: (إن قيام شهر رمضان قد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه عمله ثم تركه، وإذا علم أن الترك ليس بنسخ صار سنة يجوز أن يعمل بها، وإذا كان ما لأجله ترك عليه السلام من التنبيه بذلك على أنه ليس بفرض ومن تخفيف التعبد ليس بقائم في فعل عمر لم يمتنع أن يدوم عليه، * وإذا كان فيه الدعاء إلى الصلاة والتشدد في حفظ القرآن * (2) فما الذي يمنع أن يعمل به [على وجه أنه مسنون] (3).