الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ٢٠٨
فالتفت فرأى أبا طلحة الأنصاري تركه مكانه، فقال أبو طلحة لا ترع أبا حسن (1).
فإن قيل: أي معنى لقول العباس إني دعوتك إلى أن تسأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيمن هذا الأمر من قبل وفاته، أليس هذا مبطلا لما تدعونه من النص.
قلنا: قد مضى الكلام على هذا المعنى فيما مضى من الكتاب، وبينا أنه لا يمتنع أن يريد العباس رضي الله عنه سؤاله عمن يصل الأمر إليه، وينتقل إلى يديه، لأنه قد يستحقه من لا يصل إليه، [وقد يصل إلى من لا يستحقه] وليس يمتنع أن يريد إنا كنا نسأله صلى الله عليه وآله قبل الموت ليتجدد ويتأكد، ويكون لقرب العهد أبعد من أن يطرح.
فإن قيل: أليس قد أنكرتم على صاحب الكتاب هذا التأويل بعينه فيما استعمله فيما روي عن أبي بكر من قوله: ليتني كنت سألت رسول الله صلى الله عليه وآله هل للأنصار في هذا الأمر حق؟
قلنا: إنما أنكرناه في ذلك الخبر لأنه لا يليق به من حيث قال: فكنا لا ننازعه أهله، وهذا قول من لا علم له بأنه ليس للأنصار حق في الإمامة، ومن كان يرجع في أن لهم حقا في الأمر أو لا حق لهم فيه، إلى ما يسمعه مستأنفا وليس في هذا الخبر الذي ذكرناه ما في ذلك الخبر.
وروى العباس بن هشام الكلبي عن أبيه عن أبي مخنف في إسناده أن أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه شكا إلى العباس رضوان الله عليه وما سمع من قول عمر كونوا مع الثلاثة الذين فيهم عبد الرحمن

(1) الطبري 4 / 230 حوادث سنة 23.
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»