الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٣٠٢
بحجة، وقد دللنا فيما مضى على أن الشيعة تتواتر بالخبر بمقدمة الحديث وأكثر من رواة من العامة روى المقدمة أيضا (1) وإنما أغفلها من الرواة قليل من كثير، وبينا ما يصح أن يكون عذرا في ترك من ترك روايتها، وليس يجوز أن يجعل إغفال من أغفلها حجة في دفع رواية من رواها.
وأما اقتصار أمير المؤمنين في الاحتجاج على ذكر ما عدا المقدمة من الخبر فإنه لا يدل أيضا على بطلانها لأنه عليه السلام احتج من الخبر بما يكون الاعتراف به اعترافا بالجميع على عادة الناس في أمثال هذه الاحتجاجات، وقد تقدم الكلام في هذا وذكرنا أيضا أن طريقة التقسيم (2) غير مفتقرة إلى المقدمة، وإنما يحتاج إليها في الطريقة الأولى التي اعتمدناها، وطريق إثباتها واضح بما أوردناه، ويمكن أن يستدل على الإمامة بالخبر من وجه آخر لا يفتقر إلى المقدمة وهو أن يقال: قد ثبت أن من جملة ما يحتمله لفظة " مولى " من الأقسام معنى الإمام بما دللنا عليه من قبل، ووجدنا كل من ذهب إلى أن لفظ خبر الغدير يحتمل معنى الإمامة، وأن لفظة " مولى " يقتضيها في جملة أقسامها يذهب إلى أن الإمامة هي المرادة بالخبر، وهذه طريقة قوية يمكن أن تعتمد.
قال صاحب الكتاب: " على أن ذلك لو صح وثبت أن المراد به ما قالوه لم يجب فيما تعقبه من الجملة أن يراد به ذلك، بل يجب أن يحمل

(١) من رواة المقدمة ابن عقدة - كما في أسد الغابة ١ / ٣٦٧، والنسائي في مواضع من خصائص أمير المؤمنين وأحمد في المسند ٤ / ٣٧٢، والبزاز كما في مجمع الزوائد ٩ / 107 والطبراني.
(2) أي تقسيم معاني " مولى " كما تقدم مع بيان الطريقة التي اعتمدها المرتضى تحت قوله: طريقة أخرى في الاستدلال بخبر الغدير. كما في المجمع أيضا 9 / 106 والحاكم في المستدرك 109 / 533.
(٣٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 ... » »»