الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٢٩٧
عليه من قوله (فمن كنت مولاه) مثله فكأنه قال: فمن كنت أولى به فعلي أولى به، وهذا تصريح بما ذكرناه! قيل له: لا نسلم أن المراد بالمقدمة (3) معنى الإمامة (1) بل المراد بها معنى النبوة أو المراد بها معنى الاشفاق والرحمة وحسن النظر، يبين ذلك أن ظاهر اللفظ يقتضي أنه صلى الله عليه وآله أولى بهم في أمر يشاركونه فيه، وذلك لا يليق بالإمامة، ويليق بمقتضى النبوة لأنه صلى الله عليه وآله بين لهم الشرع الذي بقيامهم به يصلون إلى درجة الثواب فيكون البيان من قبله والقيام به من قبلهم، لكنه لما لم يتم إلا ببيانه صلوات الله عليه كانت منزلته في ذلك أبلغ فصلح أن يكون أولى وكذلك متى أريد بذلك الرأفة والرحمة والاشفاق وحسن النظر، لأنه فيما يرجع إلى الدين هو أحسن نظرا لأمته منهم لأنفسهم، ومتى حمل الأمر على ما قالوه خالف الظاهر، فإن قالوا: قد دخل فيما ذكرتموه وجوب الطاعة وذلك يصحح ما قلناه، قيل لهم: إنه وإن كان كذلك فليس هو المقصود وإن كان تابعا له، وإنما قدحنا بما ذكرناه في قولكم لأنكم جعلتموه المقصود، وعلى هذا الوجه لا يطلق في الرسول صلى الله عليه وآله أنه إمام على ظاهر ما يقولون في إمام الزمان، وإنما يطلق ذلك بمعنى الاتباع، لأن الإمامة عبارة عن أمور مخصوصة لا زيادة فيها ولا نقصان، فلا يجب وإن كان النبي صلى الله عليه وآله يقوم بما يقوم به الإمام أن يوصف بذلك على الوجه الذي ذكرناه، كما لا يوصف بأنه أمير وساع وحاكم، وإن كان يقوم بما يقوم به جميعهم، وليس يمتنع في اللفظ أن يفيد معنى من المعاني إذا انفرد فإذا كان داخلا في غيره لم يقع الاسم عليه، وهذا كثير في الأسماء وإذا لم يصح أن يراد بقوله: (ألست أولى بكم منكم بأنفسكم)

(1) المراد بها معنى الطاعة والانقياد وإنما المراد، خ ل.
(٢٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 ... » »»