الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٢٩٩
غيره، وإنما وجب أن يطيعوه في بيان الشرع من حيث كانت طاعته واجبة عليهم في كل أمر على العموم.
وبعد، فإن صاحب الكتاب ادعي أن ظاهر اللفظ يقتضي أنه أولى بهم في أمر يشاركونه فيه، وفسر ذلك بما لا اشتراك فيه لأن النبي صلى الله عليه وآله وإن كان مبينا للشرع والأمة قائمة بما بينه لهم فلم تشاركه الأمة في صفة واحدة، لأن البيان الذي يختص هو عليه السلام به لا يشاركه فيه الأمة، وليس يكون قيامهم بالشرع مشاركة له في البيان،.
فإن قنع صاحب الكتاب لنفسه بما ذكره فمثله في مقتضى الإمامة، لأن الإمام من حيث وجبت طاعته يقيم في الأمة الأحكام ويأمرهم وينهاهم فيكون الأوامر من جهته والامتثال من جهتهم، وقد دللنا فيما تقدم على أن تصرف الإمام لطف في فعل الواجبات والامتناع من المقبحات، وهذا مثل ما ذكره من الاشتراك، لأن الامتناع من القبيح وفعل الواجب من جهة المكلفين، وما هو لطف فيهما من جهته وقد دللنا أيضا على أن الإمام حجة في بيان الشرع وإن كان يخالف النبي صلى الله عليه وآله من حيث كان النبي مبينا للشرع ومبتدئا بغير واسطة من البشر، وما نطق صاحب الكتاب بحمل نفسه على القول بأن التقرير اختص ببيان الشرع مع هذه المزية المخصوصة لأن شبهته في ذلك الاشتراك في الصفة، وقد بينا أنها تدخل في مقتضى الإمامة من الوجوه الثلاثة (1) التي لو لم يثبت منها إلا ما لا خلاف فيه من وجوب طاعة الإمام، ولزوم الدخول تحت أحكامه مما يقتضي الاشتراك على الوجه الذي ذكره لكان فيه كفاية في رفع كلامه.

(1) وهي الأوامر من جهة الإمام، والامتثال من جهة الأمة، وكون تصرف الإمام لطف لهم في الأمر بالحسن والنهي عن القبيح.
(٢٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 ... » »»