الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٣١٣
النبي صلى الله عليه وآله عن حجة الوداع وبين الوقتين زمان طويل فكيف يمكن أن يكون سببه ما ادعوه وهذا الوجه أيضا يختص بذكر زيد بن حارثة وما تقدم وتأخر من الوجوه يعم التعلق بزيد وأسامة ابنه.
ومنها: أن أسباب الأخبار يجب الرجوع فيها إلى النقل كالرجوع في نفس الأخبار ولا يحسن أن يقتصر فيها على الدعاوي والظنون، وليس يمكن أحدا من الخصوم أن يسند ما يدعيه من السبب إلى رواية معروفة، ونقل مشهور، والمحنة بيننا وبينهم في ذلك ولو أمكنهم على أصعب الأمور أن يذكروا رواية في السبب لم يمكن الإشارة فيه إلى ما يوجب العلم وتتلقاه الأمة بالقبول على الحد الذي ذكرناه في خبر الغدير، وليس لنا أن نحمل تأويل الخبر الذي هو صفة على سبب أحسن أحواله أن يكون ناقله واحدا لا يوجب خبره علما ولا يثلج صدرا (1).
ومنها، أن الذي يدعونه في السبب لو كان حقا لما حسن من أمير المؤمنين عليه السلام أن يحتج به في الشورى على القوم في جملة فضائله ومناقبه، وما خصه الله تعالى به، لأن الأمر لو كان على ما ذكروه لم يكن في الخبر شاهد على فضل، ولا دلالة على تقدم، ولوجب أن يقول له القوم في جواب احتجاجه: وأي فضيلة لك بهذا الخبر علينا، وإنما كان سببه كيت وكيت مما تعلمه ونعلمه وفي احتجاجه عليه السلام به وأضرابهم عن رد الاحتجاج دلالة على بطلان ما يدعونه من السبب.
ومنها، أن الأمر لو كان على ما ادعوه في السبب لم يكن لقول عمر

(1) المراد اطمئنان النفس، يقال: ثلجت نفسه أي اطمأنت.
(٣١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 ... » »»