الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٣٠٧
على قبوله، وإن كانوا مختلفين في تأويله (1) وليس شئ من هذا في الأخبار التي ذكرها على أن أصحابنا قديما قد تكلموا على هذه الأخبار، وبينوا أن حديث الخلة يناقض ويبطل آخره أوله لأنهم يروون عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: (لو كنت متخذا خليلا لاتخذت فلانا خليلا ولكن ودا وإخاء إيمان) فأول الخبر يقتضي أن الخلة لم تقع وآخره يقتضي وقوعها على الشرط المذكور الذي يعلم كل أحد أن الخلة منه صلى الله عليه وآله لا تكون إلا عليه، لأنه لا يصح أن يخال أحدا إلا في الإيمان وما يقتضيه الدين، ويذكرون أيضا في ذلك ما يروونه من قوله صلى الله عليه وآله قبل وفاته: (برئت إلى كل خليل من خليل فإن الله عز وجل قد اتخذ صاحبكم خليلا) ويقولون: إن كان أثبت الخلة بينه وبين غيره فيما تقدم فقد نفاها وبرئ منها قبل وفاته، وأفسدوا حديث الاقتداء بأن ذكروا أن الأمر بالاقتداء بالرجلين يستحيل لأنهما مختلفان في كثير من أحكامهما وأفعالهما، والاقتداء بالمختلفين والاتباع لهما متعذر غير ممكن ولأنه يقتضي عصمتهما، والمنع من جواز الخطأ عليهما، وليس هذا بقول لأحد فيهما، وطعنوا في

(١) أحصى شيخنا الأميني في الجزء الأول من الغدير رواة حديث الغدير فكانوا مائة وعشرة من الصحابة وأربعة وثمانين من التابعين وثلاثماية وسبعة وخمسين من العلماء ومعظمهم بل جميعهم من علماء السنة وأحصى من أفرد التأليف في الغدير من علماء الفريقين فكانوا ستة وعشرين عالما، وقال ابن كثير في البداية والنهاية ٥ / 208 " وقد اعتنى بأمر هذا الحديث أبو جعفر محمد بن جرير الطبري صاحب التفسير والتاريخ فجمع فيه مجلدين أورد فيهما طرقه وألفاظه، وكذلك الحافظ الكبير أبو القاسم ابن عساكر أورد أحاديث كثيرة في هذه الخطبة، وقال القندوزي في ينابيع المودة ص 36 " حكي عن أبي المعالي الجويني الملقب بإمام الحرمين أستاذ أبي حامد الغزالي رحمهما الله كان يتعجب ويقول: رأيت مجلدا في بغداد في يد صحاف فيه روايات خبر غدير خم مكتوب عليه: المجلدة الثامنة والعشرون من طرق قوله صلى الله عليه وسلم (من كنت مولاه فعلي مولاه) ويتلوه المجلدة التاسعة والعشرون ".
(٣٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 ... » »»