المبحث الثاني:
لقد صرح ابن عقدة بحبه الثابت لأهل بيت النبوة، وجاهر بموالاته لهم، وروى أحاديث مما جاء عن النبي (صلى الله عليه وآله) في فضل آله الكرام. فنبزوه بالرفض تارة وبالتشيع تارة أخرى، ونالته الألسن بالتجريح في عدالته، فإن الغالب من أئمة الجرح والتعديل جعلوا يثبتون التشيع برواية فضائل أهل البيت ويجرحون راويها بفسق التشيع، وفي مقابل ذلك أبرزوا عذر من نصب العداء لأهل بيت الوحي وأظهروا وثاقته.
قال ابن حجر: وقد كنت أستشكل توثيقهم الناصبي غالبا وتوهينهم الشيعة مطلقا، ولا سيما أن عليا ورد في حقه: " لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق " (1).
قال أبو جعفر بن أبي السري الديمري: لقيت أبا العباس بن عقدة في الكوفة في سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، فسألته أن يعيد ما فاتني من المجلس، فامتنع، وشددت عليه، فقال: من أي البلد أنت؟ قلت: من أهل أصبهان، فقال:
لماذا تضمرون العداوة لأهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؟ فقلت له: لا تقل هذا يا شيخ، الآن أهل أصبهان فيهم متفقهة ومتقون وفاضلون ومتشيعة، فقال: شيعة معاوية.
قلت: لا والله إلا شيعة علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) وما فيهم أحد إلا وعلي أعز عليه من عينه وأهله وولده، فأعاد علي ما فاتني (2).