وقيل: لبعض هؤلاء: أليس هو يقول: " (ولا يرضى لعباده الكفر) (1 )! فقال: دعنا من هذا رضيه وأحبه وأراده، وما أفسدنا غيره.
ولقد بالغ بعضهم في ذلك حتى قال: القدر عذر لجميع العصاة ، وإنما مثلنا في ذلك كما قيل:
إذا مرضنا أتيناكم نعودكم * وتذنبون فنأتيكم فنعتذر وبلغ بعض هؤلاء أن عليا عليه السلام مر بقتلى النهروان، فقال:
بؤسا لكم، لقد ضركم من غركم، فقيل: من غرهم؟ فقال: الشيطان والنفس الامارة بالسوء والأماني، فقال هذا القائل: كان علي قدريا، وإلا فالله غرهم، وفعل بهم ما فعل، وأوردهم تلك الموارد.
واجتمع جماعة من هؤلاء يوما فتذاكروا القدر، فجرى ذكر الهدهد وقوله: (وزين لهم الشيطان أعمالهم) (2) فقال: كان الهدهد قدريا، أضاف العمل إليهم، والتزيين إلى الشيطان، وجميع ذلك فعل الله.
وسئل بعض هؤلاء عن قوله تعالى لإبليس: (ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي) (3) أيمنعه ثم يسأله ما منعه؟ قال: نعم، قضى عليه في السر ما منعه في العلانية، ولعنه عليه، قال له: فما معنى قوله تعالى: (وماذا عليهم لو آمنوا بالله) (4) إذا كان هو الذي منعهم؟.
قال: استهزأ بهم، قال: فما معنى قوله: (ما يفعل الله بعذابكم إن