وسمع بعض هؤلاء قارئا يقرأ (وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى) (1) فقال: ليس من هذا شئ، بل أضلهم وأعماهم، قالوا: فما معنى الآية؟ قال: مخرفة يمخرف بها.
إلى أن قال: وسمعته يقول يعني ابن تيمية: القدرية المذمومون في السنة، وعلى لسان السلف هم هؤلاء، الفرق الثلاثة، نفاته، وهم القدرية المجوسية، المعارضون به للشريعة الذين قالوا لو شاء الله ما أشركنا، وهم القدرية المشركية.
والمخاصمون به للرب سبحانه، وهم أعداء الله وخصومه، وهم القدرية الإبليسية، وشيخهم إبليس، وهو أول من احتج على الله بالقدر، فقال: (بما أغويتني) (2) ولم يعترف بالذنب، ويبوء به، كما اعترف به آدم.
إلى أن قال: ولا ريب أن هؤلاء القدرية الإبليسية والمشركية شر من القدرية النفاة، لان النفاة إنما نفوه تنزيها للرب، وتعظيما له، أن يقدر الذنب، ثم يلوم عليه، ويعاتب، ونزهوه أن يعاقب العبد على ما صنع للعبد فيه البتة، بل هو بمنزلة طوله وقصره، وسواده وبياضه، ونحو ذلك، كما يحكى عن بعض الجبرية، أنه حضر مجلس بعض الولاة، فأتي بطرار أحول، فقال له الوالي: ما ترى فيه ؟ قال: اضربه خمسة عشر، يعني سوطا، فقال له بعض الحاضرين ممن ينفي الجبر: بل ينبغي أن يضرب ثلاثين سوطا، خمسة عشر