مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ١٠٢
ونظيره ما ذكره صاحب المفتاح في قوله تعالى " ان حسابهم الا على ربى " من أن المعنى حسابهم مقصور على الاتصاف بعلي ربى لا يتجاوزه إلى الاتصاف بعلي فجميع ذلك من قصر الموصوف على الصفة دون العكس كما توهمه بعضهم (ولهذا) أي ولان التقديم يفيد التخصيص (لم يقدم الظرف) الذي هو المسند على المسند إليه (في " لا ريب فيه ") ولم يقل لا فيه ريب (لئلا يفيد) تقديمه عليه ثبوت الريب في سائر كتب الله تعالى بناء على اختصاص عدم الريب بالقرآن.
وانما قال في سائر كتب الله تعالى لأنه المعتبر في مقابلة القرآن كما أن المعتبر في مقابلة خمور الجنة هي خمور الدنيا لا مطلق المشروبات وغيرها (أو التنبيه) عطف على تخصيصه أي تقديم المسند للتنبيه (من أول الامر على أنه) أي المسند (خبر لا نعت) إذ النعت لا يتقدم على المنعوت.
وانما قال من أول الامر لأنه ربما يعلم أنه خبر لا نعت بالتأمل في المعنى والنظر إلى أنه لم يرد في الكلام خبر للمبتدأ (كقوله " له همم لا منتهى لكبارها * وهمته الصغرى اجل من الدهر) حيث لم يقل همم له (أو التفاؤل) نحو سعدت بغرة وجهك الأيام.
(أو التشويق إلى ذكر المسند إليه بان يكون في المسند المتقدم طول يشوق النفس إلى ذكر المسند إليه فيكون له وقع في النفس ومحل من القبول لان الحاصل بعد الطلب أعز من المنساق بلا تعب (كقوله ثلاثة) هذا هو المسند المتقدم الموصوف بقوله (تشرق) من أشرق بمعنى صار مضيئا (الدنيا) فاعل تشرق والعائد إلى الموصوف هو الضمير المجرور في وقوله (ببهجتها) أي بحسنها ونضارتها أي تصير الدنيا منورة ببهجة هذه الثلاثة وبهائها والمسند إليه المتأخر هو قوله (شمس الضحى وأبو اسحق والقمر).
(تنبيه، كثير مما ذكر في هذا الباب) يعنى باب المسند (والذي قبله) يعنى باب المسند إليه (غير مختص بهما كالذكر والحذف وغيرهما) من التعريف والتنكير والتقديم والتأخير والاطلاق والتقييد وغير ذلك مما سبق.
(١٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 97 98 99 100 101 102 103 105 106 107 108 ... » »»