مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ١٠٨
تعيين المفعول ان عاما فعام وان خاصا فخاص، ولما وجب تقدير المفعول تعين انه مراد في المعنى ومحذوف من اللفظ لغرض فأشار إلى تفصيل الغرض بقوله (ثم الحذف اما للبيان بعد الابهام كما في فعل المشيئة) والإرادة ونحو هما إذا وقع شرطا فان الجواب يدل عليه ويبينه لكنه انما يحذف (ما لم يكن تعلقه به) اي تعلق فعل المشيئة بالمفعول (غريبا نحو فلو شاء لهديكم أجمعين) اي لو شاء الله هدايتكم لهديكم أجمعين.
فإنه لما قيل لو شاء علم السامع، ان هناك شيئا علقت المشيئة عليه لكنه مبهم عنده، فإذا جئ بجواب الشرط صار مبينا له وهذا أوقع في النفس (بخلاف) ما إذا كان تعلق فعل المشيئة به غريبا فإنه لا يحذف حينئذ كما في نحو قوله (" ولو شئت ان أبكي دما لبكيته)، عليه ولكن ساحة الصبر أوسع "، فان تعلق فعل المشيئة ببكاء الدم غريب فذكره ليتقرر في نفس السامع ويأنس به.
(واما قوله:
فلم يبق منى الشوق غير تفكري * فلو شئت ان أبكي بكيت تفكر " فليس منه) أي مما ترك فيه حذف مفعول المشيئة بناء على غرابة تعلقها به على ما ذهب إليه صدر الأفاضل في ضرام السقط من أن المراد لو شئت ان أبكي تفكرا بكيت تفكرا فلم يحذف منه مفعول المشيئة.
ولم يقل لو شئت بكيت تفكرا لان تعلق المشيئة ببكاء التفكر غريب كتعلقها ببكاء الدم.
وانما لم يكن من هذا القبيل (لان المراد بالأول البكاء الحقيقي) لا البكاء التفكري لأنه أراد ان يقول أفناني النحول فلم يبق منى غير خواطر تجول في حتى لو شئت البكاء فمريت جفوني وعصرت عيني ليسيل منها دمع لم أجده وخرج منها بدل الدمع التفكر فالبكاء الذي أراد ايقاع المشيئة عليه بكاء مطلق مبهم غير معدى
(١٠٨)
مفاتيح البحث: البكاء (3)، الصبر (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»