مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ٢٩٩
قد جاء قبل اللام ميم مفتوحة وهو ليس بالزم في السجع.
وقوله قبل حرف الروى أو ما في معناه إشارة إلى أنه يجرى في النثر والنظم (نحو فاما اليتيم فلا تقهر واما السائل فلا تنهر) فالراء بمنزلة حرف الروى ومجئ الهاء قبلها في الفاصلتين لزوم ما يلزم لصحة السجع بدونها نحو فلا تنهر ولا تسخر (وقوله سأشكر عمرا ان تراخت منيتي، أيادي) بدل من عمرا (أيادي لم تمن وان هي جلت،) أي لم تقطع أو لم تخلط بمنة وان عظمت وكثرت (فتى غير محجوب الغنى عن صديقه * ولا مظهر الشكوى إذا النعل زلت) زلة القدم والنعل كناية عن نزول الشر والمحنة (رأى خلتي) أي فقري (من حيث يخفى مكانها) لأني كنت أسترها عنه بالتجمل (فكانت) أي خلتي (قذى عينيه حتى تجلت) أي انكشفت وزالت باصلاحه إياها بأياديه يعنى من حسن اهتمامه جعله كالداء الملازم لا شرف أعضائه حتى تلافاه بالاصلاح، فحرف الروى هو التاء وقد جئ قبله بلام مشددة مفتوحة وهو ليس بلازم في السجع لصحة السجع بدونها نحو جلت ومدت ومنت وانشقت ونحو ذلك (واصل الحسن في ذلك كله) أي في جميع ما ذكر من المحسنات اللفظية (ان تكون الألفاظ تابعة للمعاني دون العكس) أي ان لا يكون المعاني توابع للألفاظ بان يؤتى بالألفاظ متكلمة مصنوعة فيتبعها المعنى كيف ما كان كما فعله بعض المتأخرين الذين لهم شعف بايراد المحسنات اللفظية فيجعلون الكلام كأنه غير مسوق لافادة المعنى ولا يبالون بخفاء الدلالات وركاكة المعنى فيصير كغمد من ذهب على سيف من خشب.
بل الوجه ان تترك المعاني على سجيتها فتطلب لأنفسها لفظا تليق بها، وعند هذا تظهر البلاغة والبراعة ويتميز الكامل من القاصر، وحين رتب الحريري مع كمال فضله في ديوان الانشاء عجز فقال ابن الخشاب هو رجل مقاماتي وذلك لان كتابه
(٢٩٩)
مفاتيح البحث: الغنى (1)، الشكوى (1)، اليتم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 ... » »»