فورجه هذا تأويل فاسد لان سخاء غير موجود لا يوصف بالعدوى وانما المراد سخا به على وكان بخيلا به على فلما أعداه سخاؤه أسعدني بضمي إليه وهدايتي له لما أعداه سخاؤه (ولقد يكون به الزمان بخيلا) فالمصراع الثاني مأخوذ من المصراع الثاني لأبي تمام على كل من تفسيري ابن جنى وابن فورجة إذ لا يشترط في هذا النوع من الاخذ عدم تغاير المعنين أصلا كما توهمه البعض والا لم يكن مأخوذا منه على تأويل ابن جنى أيضا لان أبا تمام علق البخل بمثل المرثي وأبا الطيب بنفس الممدوح هذا ولكن مصراع أبى تمام أجود سبكا لان قول أبى الطيب.
ولقد يكون بلفظ المضارع لم يقع موقعه إذ المعنى على المضي.
فان قيل المراد فقد يكون الزمان بخيلا بهلاكه أي لا يسمح بهلاكه قط لعلمه بأنه سبب صلاح العام والزمان وان سخا بوجوده وبذله للغير لكن اعدامه وافناؤه باق بعد في تصرفه.
قلنا هذا تقدير لا قرينة عليه وبعد صحته فمصراع أبى تمام أجود لاستغنائه عن مثل هذا التكلف (وان كان) الثاني (مثله) أي مثل الأول (فأبعد) أي فالثاني أبعد (من الذم والفضل للأول كقول أبى تمام لو حار) أي تحير في التوصل إلى اهلاك النفوس (مرتاد المنية) أي الطالب الذي هو المنية على انها إضافة بيان (لم يجد، الا الفراق على النفوس دليلا وقول أبى الطيب لولا مفارقة الأحباب ما وجدت، لها المنايا إلى أرواحنا سبلا) الضمير في لها لمنية وهو قال من سبلا أو المنايا فاعلل وجدت وروى يد المنايا فقد اخذ المعنى كله مع لفظ المنية والفراق والوجدان وبدل النفوس بالأرواح وان اخذ المعنى وحده سمى) هذا الاخذ (لماما) من ألم إذا قصد واصله من ألم بالمنزل إذا نزل به (وسلخا) وهو كشط الجلد عن الشاة ونحوها فكأنه كشط عن المعنى جلد أو ألبسه جلدا آخر فان اللفظ للمعنى بمنزلة اللباس (وهو ثلاثة أقسام كذلك) أي مثل ما يسمى إعارة ومسخا لان الثاني اما أبلغ من الأول أو دونه أو مثله (أولها) أي أول الأقسام وهو ان يكون الثاني أبلغ من الأول (كقول أبى تمام هو) الضمير للشان (الصنع) أي الاحسان والصنع مبتدأ خبره الجملة الشرطية أعني قوله