يقال أقصر عن الشئ إذا أقلع عنه أي تركه وامتنع عنه أي امتنع باطله عنه وتركه بحاله (وعرى أفراس الصبا ورواحله أراد) زهير (ان يبين انه ترك ما كان يرتكبه زمن المحبة من الجهل والغي وأعرض عن معاودته فبطلت آلاته) الضمير في معاودته وآلاته لما كان يرتكبه (فشبه) زهير في نفسه (الصبا بجهة من جهات المسير كالحج والتجارة قضى منها) أي من تلك الجهة (الوطر فأهملت آلاتها) ووجه الشبه الاشتغال التام وركوب المسالك الصعبة فيه غير مبال بمهلكة ولا محترز عن معركة، وهذا التشبيه المضمر في النفس استعارة بالكناية.
(فأثبت له) أي للصبا بعض ما يختص تلك الجهة أعني (الأفراس والرواحل) التي بها قوام جهة المسير والسفر.
فاثبات الأفراس والرواحل استعارة (فالصبا) على هذا التقدير (من الصبوة بمعنى الميل إلى الجهل والفتوة) يقال صبا يصبو صبوا أي مال إلى الجهل والفتوة كذا في الصحاح لا من الصباء بالفتح والمد يقال صبي صباء مثل سمع سماعا أي لعب مع الصبيان.
(ويحتمل انه) أي زهير (أراد) بالأفراس والرواحل (دواعي النفوس وشهواتها والقوى الحاصلة لها في استيفاء اللذات أو أراد بها الأسباب التي قلما تتخذ في اتباع الغي الا أوان الصبا) وعنفوان الشباب مثل المال والمنال والاخوان والأعوان (فتكون الاستعارة) أي استعارة الأفراس والرواحل (تحقيقية) لتحقق معناها عقلا إذا أريد بهما الدواعي وحسا إذا أريد بهما أسباب اتباع الغي من المال والمنال مثل المصنف أمثلة الأول ما تكون التخييلية اثبات ما به كمال المشبه به والثاني ما تكون اثبات ما به قوام المشبه به والثالث ما يحتمل التخييلية والتحقيقية.