مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ٢٢٩
(وقد تحصل) أي الغرابة (بتصرف في) الاستعارة (العامية كما في قوله) أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا، (وسالت بأعناق المطي الأباطح) جمع أبطح وهو مسيل الماء فيه دقاق الحصى استعار سيلان السيول الواقعة في الأباطح لسير الإبل سيرا حثيثا في غاية السرعة المشتملة على لين وسلاسة والشبه فيها ظاهر عامي لكن قد تصرف فيه بما أفاد اللطف والغرابة (إذ أسند الفعل) أعني سالت (إلى الأباطح دون المطي) وأعناقها حتى أفاد انه امتلأت الأباطح من الإبل كما في قوله تعالى واشتعل الرأس شيبا، (أو ادخل الأعناق في السير) لان السرعة والبطؤ في سير الإبل يظهر ان غالبا في الأعناق ويتبين أمرهما في الهوادي وسائر الاجزاء تستند إليها في الحركة وتتبعها في الثقل والخفة.
(و) الاستعارة (باعتبار الثلاثة) المستعار منه والمستعار له والجامع (ستة أقسام).
لان المستعار منه والمستعار له اما حسيان أو عقليان أو المستعار منه حسي والمستعار له عقلي أو بالعكس تصير أربعة والجامع في الثلاثة الأخيرة عقلي لا غير لما سبق في التشبيه لكنه في القسم الأول اما حسي أو عقلي أو مختلف فتصير ستة والى هذا أشار بقوله (لان الطرفين ان كانا حسيين فالجامع اما حسي نحو قوله تعالى فاخرج لهم عجلا جسدا له خوار.
فان المستعار منه ولد البقرة والمستعار له الحيوان الذي خلقه الله تعالى من حلى القبط) التي سبكتها نار السامري عند إلقائه في تلك الحلي التربة التي اخذها من موطئ فرس جبريل عليه السلام.
(والجامع الشكل) فان ذلك الحيوان كان على شكل ولد البقرة (والجميع) من المستعار منه والمستعار له والجامع (حسي) أي مدرك بالبصر (واما عقلي نحو وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فان المستعار منه) معنى السلخ وهو (كشط الجلد عن نحو الشاة والمستعار له كشف الضوء عن مكان الليل) وهو موضع القاء ظله (وهما حسيان والجامع ما يعقل من ترتب أمر على آخر) أي حصوله عقيب حصوله
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»