ثم وصفه بالغمر الذي يناسب العطاء دون الرداء تجريدا للاستعارة والقرينة سياق الكلام أعني قوله (إذا تبسم ضاحكا) أي شارعا في الضحك آخذا فيه.
وتمامه غلقت بضحكته رقاب المال أي إذا تبسم غلقت رقاب أمواله في أيدي السائلين.
يقال غلق الرهن في يد المرتهن إذا لم يقدر على انفكاكه.
(و) الثالث (مرشحة وهي ما قرن بما يلائم المستعار منه نحو أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم) استعير الاشتراء للاستبدال والاختيار.
ثم فرع عليها ما يلائم الاشتراء من الربح والتجارة (وقد يجتمعان) أي التجريد والترشيح (كقوله لدى أسد شاكي السلاح) هذا تجريد لأنه وصف بما يلائم المستعار له أعني الرجل الشجاع (مقذف له لبد أظفاره لم تقلم) هذا ترشيح لان هذا الوصف مما يلائم المستعار منه أعني الأسد الحقيقي.
واللبد جمع لبدة وهي ما تلبد من شعر الأسد على منكبيه والتقليم مبالغة القلم وهو القطع (والترشيح أبلغ) من الاطلاق والتجريد ومن جمع التجريد والترشيح (لاشتماله على تحقيق المبالغة) في التشبيه لان في الاستعارة مبالغة في التشبيه فترشيحها بما يلائم المستعار منه تحقيق ذلك وتقوية له (ومبناه) أي مبنى الترشيح (على تناسى التشبيه) وادعاء ان المستعار له نفس المستعار منه لا شئ شبيه به (حتى أنه يبنى على علو القدر) الذي يستعار له علو المكان (ما يبنى على علو المكان كقوله ويصعد حتى يظن الجهول بان له حاجة في السماء) استعار الصعود لعلو القدر والارتقاء في مدارج الكمال ثم بنى عليه ما يبنى على علو المكان والارتقاء إلى السماء من ظن الجهول ان له حاجة في السماء.
وفي لفظ الجهول زيادة مبالغة في المدح لما فيه من الإشارة إلى أن هذا انما يظنه الجهول واما العاقل فيعرف انه لا حاجة له في السماء لاتصافه بسائر الكمالات.
وهذا المعنى مما خفى على بعضهم فتوهم ان في البيت تقصيرا في وصف علوه حيث أثبت هذا الظن للكامل الجهل بمعرفة الأشياء (ونحو) أي مثل البناء على علو