مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ١٥٥
والمصنف أورد للقسمين الأولين مثاليهما (كقوله تعالى " يخادعون الله وهو خادعهم " وقوله " ان الأبرار لفي نعيم وان الفجار لفي جحيم ") في الخبريتين لفظا ومعنى الا انهما في المثال الثاني متناسبان في الاسمية بخلاف الأول (وقوله تعالى " كلوا واشربوا ولا تسرفوا ") في الإنشائيتين لفظا ومعنى وأورد للاتفاق معنى فقط مثالا واحدا وإشارة إلى أنه يمكن تطبيقه على قسمين من أقسامه الستة وأعاد فيه لفظة الكاف تنبيها على أنه مثال للاتفاق معنى فقط فقال (وكقوله تعالى وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون الا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا،) فعطف قولوا على لا تعبدون مع اختلافهما لفظا لكونهما إنشائيتين معنى لان قوله لا تعبدون اخبار في معنى الانشاء (أي لا تعبدوا).
وقوله " وبالوالدين إحسانا " لابد له من فعل فاما ان يقدر خبر في معنى الطلب أي (وتحسنون بمعنى أحسنوا) فتكون الجملتان خبرا ولفظا وانشاء معنى وفائدة تقدير الخبر.
ثم جعله بمعنى الانشاء اما لفظا فالملايمة مع قوله لا تعبدون واما معنى فالمبالغة باعتبار ان المخاطب كأنه سارع إلى الامتثال فهو يخبر عنه كما تقول تذهب إلى فلان وتقول له كذا تريد الامر (أو) يقدر من أول الامر صريح الطلب على ما هو الظاهر أي (وأحسنوا) بالوالدين احسانا فتكونان إنشائيتين معنى مع أن لفظة الأولى اخبار ولفظة الثانية انشاء (والجامع بينهما) أي بين الجملتين (يجب ان يكون باعتبار المسند إليهما والمسندين جميعا) أي باعتبار المسند إليه في الجملة الأولى والمسند إليه في الجملة الثانية وكذا باعتبار المسند في الجملة الأولى والمسند في الجملة الثانية (نحو " يشعر زيد ويكتب ") للمناسبة الظاهرة بين الشعر والكتابة وتقارنهما في خيال أصحابهما (ويعطى) زيد (ويمنع) لتضاد الاعطاء والمنع.
هذا عند اتحاد المسند إليهما، واما عند تغاير هما فلا بد من تناسبهما أيضا كما أشار إليه بقوله (زيد شاعر وعمرو كاتب وزيد طويل وعمرو قصير لمناسبة بينهما).
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»