مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ١٥٨
لذلك والاذعان له على ما هو تفسير التصديق في المنطق عند المحققين مع الاقرار به باللسان والكفر عدم الايمان عما من شانه الايمان.
وقد يقال الكفر انكار شئ من ذلك فيكون وجوديا فيكونان متضادين (وما يتصف بها) أي بالمذكورات كالأسود والأبيض والمؤمن والكافر وأمثال ذلك فإنه قد يعد من المتضادين باعتبار الاشتمال على الوصفين المتضادين (أو شبه تضاد كالسماء والأرض) في المحسوسات فإنهما وجوديان أحدهما في غاية الارتفاع والاخر في غاية الانحطاط، وهذا معنى شبه التضاد وليسا متضادين لعدم تواردهما على المحل لكونهما من الأجسام دون الاعراض ولا من قبيل الأسود والأبيض لان الوصفين المتضادين ههنا ليسا بداخلين في مفهومي السماء والأرض (والأول والثاني) فيما يعم المحسوسات والمعقولات فان الأول هو الذي يكون سابقا على الغير ولا يكون مسبوقا بالغير والثاني هو الذي يكون مسبوقا بواحد فقط فأشبها المتضادين باعتبار اشتمالهما على وصفين لا يمكن اجتماعهما ولم يجعلا متضادين كالأسود والأبيض لأنه قد يشترط في المتضادين ان يكون بينهما غاية الخلاف.
ولا يخفى ان مخالفة الثالث والرابع وغيرهما للأول أكثر من مخالفة الثاني له مع أن العدم معتبر في مفهوم الأول فلا يكون وجوديا (فإنه) أي انما يجعل التضاد وشبهه جامعا وهميا لان الوهم (ينزلهما منزلة التضائف) في أنه لا يحضره أحد المتضادين أو الشبيهين بهما الا ويحضره الآخر (ولذلك تجد الضد أقرب خطورا بالبال مع الضد) من المغايرات الغير المتضادة يعنى ان ذلك مبنى على حكم الوهم والا فالعقل يتعقل كلا منهما ذاهلا عن الآخر (أو خيالي) وهو أمر بسببه يقتضى الخيال اجتماعهما في المفكرة وذلك (بان يكون بين تصوريهما تقارن في الخيال سابق) على العطف لأسباب مؤدية إلى ذلك (وأسبابه) أي وأسباب التقارن في الخيال (مختلفة ولذلك اختلفت الصور الثابتة في الخيالات ترتيبا وضوحا) فكم من صور لا انفكاك بينها في خيال وهي في خيال آخر مما لا تجتمع أصلا وكم من صور لا تغيب
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»