تنزل منزلة السؤال فكان المصنف نظر إلى قطع الثانية عن الأولى مثل قطع الجواب عن السؤال انما يكون على تقدير تنزيل الأولى منزلة السؤال وتشبيهها به والأظهر انه لا حاجة إلى ذلك بل مجرد كون الأولى منشأ للسؤال كاف في ذلك أشير إليه في الكشاف.
(ويسمى الفصل لذلك) أي لكونه جوابا لسؤال اقتضته الأولى (استينافا وكذا) الجملة (الثانية) نفسها أيضا تسمى استينافا ومستأنفة.
(وهو) أي الاستيناف (ثلاثة اضرب لان السؤال) الذي تضمنته الأولى (اما عن سبب الحكم مطلقا نحو قال:
لي كيف أنت قلت عليل * سهر دائم وحزن طويل أي ما بالك عليلا أو ما سبب علتك) بقرينة العرف والعادة.
لأنه إذا قيل فلان مريض فإنما يسأل عن مرضه وسببه لا ان يقال هل سبب علته كذا وكذا لا سيما السهر والحزن حتى يكون السؤال عن السبب الخاص (واما عن سبب خاص) لهذا الحكم (نحو وما أبرئ نفسي ان النفس لأمارة بالسوء كأنه قيل هل النفس أمارة بالسوء).
فقيل ان النفس لأمارة بالسوء بقرينة التأكيد فالتأكيد دليل على أن السؤال عن السبب الخاص فان الجواب عن مطلق السبب لا يؤكد (وهذا الضرب يقتضى تأكيد الحكم) الذي هو في الجملة الثانية أعني الجواب لان السائل متردد في هذا السبب الخاص هل هو سبب الحكم أم لا (كما مر) في أحوال الاسناد الخبري من أن المخاطب إذا كان طالبا مترددا حسن تقوية الحكم بمؤكد.
ولا يخفى ان المراد الاقتضاء استحسانا لا وجوبا والمستحسن في باب البلاغة بمنزلة الواجب (واما عن غيرهما) أي غير السبب المطلق والسب الخاص (نحو قالوا سلاما قال سلام) أي فماذا قال إبراهيم في جواب سلامهم فقيل قال سلام أي حياهم بتحية أحسن لكونها بالجملة الاسمية الدالة على الدوام والثبوت.
(وقوله زعم العواذل) جمع عاذلة بمعنى جماعة عاذلة (انني في غمرة) وشدة