لم تغب فقال قد تم صومه ولا يقضيه ورواية الشحام عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل صائم ظن أن الليل قد كان وإن الشمس قد غابت وكان في السماء سحاب فأفطر ثم إن السحاب انجلى فإذا الشمس لم تغب فقال تم صومه ولا يقضيه وأجيب عن دليل القائلين بوجوب القضاء أما عن إنه تناول المفطر فعليه القضاء فبأن القواعد العامة لا تصلح معارضة للنصوص الخاصة المخصصة للعمومات المنافية لها وعن موثقة سماعة بالقدح في سندها وقبولها للحمل على التقية لموافقتها لمذهب العامة وللاستحباب أقول أما حملها على الاستحباب مع ما فيها من التعليل ولا استشهاد بالآية ففي غاية البعد وأما القدح في سندها فلا ينبغي الالتفات إليه بناء على ما حققناه في محله نعم هي قاصرة عن مكافئه المستفيضة النافية للقضاء خصوصا مع موافقتها للعامة في حملها على التقية لا يخلو عن وجه وإن كان قد يستشكل فيه بموافقتها للشهرة بين الأصحاب كما ادعاه غير واحد وهى مقدمة على سائر المرجحات كما تقرر في محله ولذا تردد في المسألة بعض وجعل القضاء أحوط وقد يقال في توجيه الموثقة بأن المراد بقوله على الذي أفطر صيام ذلك اليوم الامساك في بقية النهار دفعا لتوهم بطلان الصوم بذلك وجواز تناول المفطر بعده عمدا كما يؤيده الاستشهاد بقوله تعال ثم أتموا الصيام إلى الليل فقوله (ع) فمن أكل قبل أن يدخل الليل معناه أنه أكل بعد أن أنكشف له الخطاء كما يؤيده تعليل القضاء بأنه أكل متعمدا إذا المتبادر من قوله أكل متعمدا كونه بعنوان حصوله في اليوم عمديا لا من حيث هو أكل وإلا لتحقق الاكل عمدا بهذا المعنى في ناسي الصوم أيضا فلا يناسبه التعليل وفيه إن هذا التأويل وإن لم يكن بعيدا بالنظر إلى ألفاظ الرواية ولكنه بعيد عما يتفاهم منه عرفا إذ المتبادر منه ليس إلا ما فهمه القائلون بوجوب القضاء فلا يحسن إرادة مثل هذا المعنى من مثل هذه الرواية إلا على سبيل التورية من باب التقية كإرادة المعنى الحقيقي من مثل قولك يدي خالية في جواب من سئلك أن تعطيه شيئا من الدراهم والدنانير فعلى هذا لا داعى لحمل قوله عليه السلام فمن أكل ألخ على أرادته في خصوص المورد بل معناه العام تفريعا على الآية مشيرا إلى اعتبار العمدية في المفطرية والانصاف إن إرادة التورية من هذه الرواية غير بعيدة عن مساقها فإن هذا النحو من التعليلات القابلة للتأويل مشعر بصدورها عن علة وربما جمع أيضا بين الاخبار بحمل الموثقة على الظن الضعيف والروايات النافية للقضاء على الظن القوى وفيه إنه لا شاهد له وفي الجواهر حمل الموثقة على صورة الجهل بأن في السماء علة وزعمه إن السحاب الذي غشيهم هو الليل أي سواده وسائر الروايات على صورة العلم بذلك وهو أيضا لا يخلو عن نظر فالأولى رد علم الموثقة إلى أهلها أو حملها على التقية فالقول بعدم وجوب القضاء هو الأظهر ولا اختصاص له بما إذا علم بأن في السماع علية بل المدار على إن أذعن بدخول الليل إذعانا يبيح له تناول المفطر ولكن عم الفحص والتحري لا بدونه كما لو كان في بيت مظلم فحصل له الجزم بدخول الليل بواسطة الساعة ونحوها أو أخبار من يعتقد بقوله ثم أنكشف خطائه فإن هذا خارج عن منصرف النصوص والفتاوى فيرجع في حكمه إلى القاعدة وهى فساد صومه بتناول المفطر ما لم يدل دليل تعبدي على خلافه وأما إذا تفحص ونظر إلى السماء فزعم دخول الليل وأفطر ثم تبين خطائه اندرج في موضوعها ولكن لا يتفق حصول هذا الفرض في الخارج إلا أن يكون في السماء علة موجبة له من سحاب أو غبار أو دخان أو عجة و نحوها ولكنه لا يجب علمه بذلك بل قد يشتبه عليه الحال فيريها ظلمة الليل فلو أفطر والحال هذه لم يجب عليه القضاء لا طلاق الروايات المزبورة خصوصا صحيحة زرارة الثانية التليس فيها أشعار باختصاصه بوجود العلة في السماء فضلا عن العلم بها ولكن قد أشرن إلى إمكان دعوى انصرافها إلى ما لو باشر بنفسه التحري والفحص ووقع في الخطا لا بدونه فتلخص مما ذكر إن من تناول المفطر لدى الظلمة الموهمة وشبهها أما أن يكون حال التناول جازما بدخول الليل ومتحريا فلا قضاء عليه ولا كفارة وبدون التحري فعليه القضاء خاصة وكذلك من سبق إلى الافطار لأجل الملازمة المغروسة في ذهنه قبل أن يتصورها تفصيلا ويذعن بها أو يتردد فيها أو لا يكون بجازم فإقدامه على الافطار حينئذ أما لعدم مبالاته بوقوع الاكل في اليوم وفساد صومه على تقدير عدم دخول الليل فعليه القضاء والكفارة وأما لبنائه على انقضاء اليوم وحصول وقت الافطار تعويلا على الامارة الموهمة أما تسامحا أو بزعم حجيتها فعليه القضاء خاصة بل لا قضاء أيضا لو كان متحريا وحصل له الظن بدخول الليل وكان في السماء علة كالقطع به مع التحري والله العالم والسادس تعمد القئ فإنه يوجب القضاء خاصة كما ذهب إليه الشيخ وأكثر الأصحاب على ما نسب إليهم في المدارك وفي الجواهر على المشهور شهرة عظيمة بل إجماع من المتأخرين بل في الخلاف وظاهر الغنية والمحكى من المنتهى الاجماع عليه وقال أبن إدريس إنه محرم ولا يجب به قضاء ولا كفارة وحكى عن السيد المرتضى (ره) إنه حكى عن بعض علمائنا قولا بأنه موجب للقضاء والكفارة وعن بعضهم إنه ينقص الصوم ولا يبطل ثم قال وهو الأشبه والأصح الأول لنا على وجوب القضاء أخبار مستفيضة منها صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا تقيأ الصائم فعليه قضاء ذلك اليوم وإن ذرعه من غير أن يتقيأ فليتم صومه وصحيحة الأخرى أيضا عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا تقيأ الصائم فقد أفطر وإن ذرعه من غير إن يتقيأ فليتم صومه وموثقة سماعة المروية عن التهذيب قال سئلته عن القئ في شهر رمضان فقال إن كان شئ يبدره فلا بأس وإن كان شئ يكره نفسه عليه فقد أفطر وعليه القضاء وعن الصدوق بأسناده عن سماعة بن مهران نحوه إلا إنه قال سأل أبا عبد الله وخبر مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه عليه السلام أنه قال من تقيأ متعمدا وهو صائم فقد أفطر وعليه الإعادة وإن شاء الله عذبه وإن شاء غفر له وقال من تقيأ وهو صائم فعليه القضاء ومرسلة أبن بكير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال من تقيأ متعمدا وهو صائم قضى يوما مكانه وخبر علي بن جعفر المروى عن كتابه عن أخيه عليه السلام قال سئلته عن الرجل يستاك وهو صائم فيقئ ما عليه قال إن كان تقيأ متعمدا فعليه قضائه وإن لم يكن تعمد ذلك فليس عليه شئ ولا يعارضها خبر عبد الله بن ميمون عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما السلام قال ثلاثة لا يفطرن الصائم القئ والاحتلام والحجامة لوجوب حمله على ما لو ذرعه القئ بشهادة غيره
(٢٠١)