مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ١٦٩
ونحوه على المشهور خلافا لما حكى عن الشيخ في المبسوط من أنه قال لو كان مسافرا سفر القصر فصام بنية رمضان لم يجزه وان صام بنية التطوع كان جائزا وان كان عليه صوم نذر معين ووافق ذلك شهر رمضان فصام عن النذر وهو حاضر وقع من رمضان ولا يلزم القضاء لمكان النذر وان كان مسافرا وقع عن النذر وكان عليه القضاء لرمضان وكذا ان صام وهو حاضر بنية صوم واجب عليه غير رمضان وقع عن رمضان ولم يجزه عما نواه وان كان مسافرا وقع عما نواه انتهى أقول ما ذكره بالنسبة إلى الحاضر من أنه لو نوى صوم النذر أو غيره يقع من رمضان انما يتجه بناء على أنه لا يعتبر في ماهية صوم رمضان عدى ترك المفطرات فيه بنية التقرب ولو بإطاعة امر اخر وهمي غير امره الواقعي المنجز عليه وهذا ينافي الالتزام بحصته من المسافر إذا نوى به التطوع أو صوما آخر غير صوم رمضان دون ما قصد به صوم رمضان فان ما يقع من المسافر في الحقيقة ليس الا صوم رمضان فالمسافر إذا قصد اليوم الأول من شهر رمضان ان يوصم تطوعا فان جاز له ذلك فماله إلى أن صوم رمضان يجب على الحاضر ويستحب للمسافر فيكون جواز تركه للمسافر حينئذ رخصة لا عزيمة كما يزعمه العامة وعلى هذا التقدير يمتنع ان يجب عليه قضائه بعدان اتى به في وقته صحيحا ان قلت إن الحضور شرط في ماهية صوم رمضان الذي تعلق به امر وجوبي فما يقع من المسافر موضوع اخر متعلق لامر ندبي أو الزامي ناش من الامر بالوفاء بالنذر أو الكفارة أو غير ذلك لا الامر الوجوبي المتعلق بصوم رمضان قلت الحضور كالبلوغ شرط لوجوب صوم رمضان عليه لا من مقومات ماهية صومه وكيف كان فالحق انه ان بنينا على اتحاد مهية الصوم من حيث هي وان اختلافها انما هو بالنسبة إلى أحوال المكلف أو أزمنة وقوعها الموجبة لاختلاف احكامها من حيث الوجوب والحرمة والاستحباب أو بالإضافة إلى العناوين الطارية الخارجة عن حقيقة كما قويناه فيما سبق أو قلنا بان اقسام الصوم وان كانت أنواعا مختلفة الا ان الفصل الذي يمتاز به صوم رمضان عما عداه انما هو بإضافته إلى زمانه لا بأمر اخر زائد على مفهوم صومه فلا يعقل ان يقع في رمضان صوم اخر واقعا بصفة المطلوبية ولم يكن عن رمضان بحيث يبقى التكليف بفسائه بعده فان صوم رمضان على هذا التقدير ذاتي السائر الأنواع الواقعة فيه وإذا فرض كونه بهذا العنوان الذي هو ذاتي له منهيا عنه يكون نقيضه الذي هو ترك صوم هذا الوقت واجبا فلا يعقل ان يتعلق به تكليف وجوبي أو ندبي بسائر الاعتبارات اللاحقة له فإنه بالنسبة إلى المسافر يصير كصوم العيدين لسائر المكلفين وصوم أيام التشريق لمن كان بمنى والى هذا يؤل استدلال العلامة في محكى المختلف للمدعى بقوله تعالى فمن كان منكم مريضا الآية بتقريب ان ايجاب العدة يستلزم ايجاب الافطار وبقوله عليه السلام ليس من البر الصيام في السفر إلى أن قال في الجواب عما ذكر دليلا للجواز من أنه زمان لا يجب صومه عن رمضان فاجزائه عن غيره كغيره من الأزمنة التي لا يتعين الصوم فيها قال الفرق ان هذا الزمان لا ينفك عن وجوب الصوم عن رمضان ووجوب الافطار بخلاف غيره من الأزمنة ولا يجب افطاره في السفر فأشبه العيد في عدم صحة صومه انتهى ويشهد لصحة هذا الاستدلال كما أنه يدل على أصل المدعى مرسلة الحسن بن بسام قال كنت مع أبي عبد الله عليه السلام فيما بين مكة والمدينة في شعبان وهو صائم ثم رأينا هلال شهر رمضان فأفطر فقلت له جعلت فداك أمس كان من شعبان وأنت صائم واليوم من شهر رمضان وأنت مفطر فقال إن ذلك تطوع ولنا ان نفعل ما شئنا و هذا فرض وليس لنا ان نفعل الا ما أمرنا وان بنينا على أن صوم رمضان قسم خاص من الصوم ممتاز عما عداه من الأنواع بالذات كفريضة الصبح الممتازة عن سائر الفرائض والنوافل بالذات فمقتضى الأصل عند عدم تنجز التكليف به ولو لغفلة أو نسيان صحة غيره ووقوعه عما نواه مطلقا ولو في الحصر فضلا عما كان مسافرا الا ان يدل دليل تعبدي على الاجزاء به من رمضان أو وقوعه فاسدا ولا ينافي صحته ووقوعه عما نواه على هذا التقدير قوله تعالى فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر لان ايجاب العدة على هذا التقدير لا يقتضى الا ايجاب ترك هذا الصوم لا مطلقة الذي هو عبادة عن الافطار كما في العيدين ولكنك عرفت في مسألة من نوى صوم الغد بنية القربة ضعف هذا البناء مضافا إلى شهادة الخبر المتقدم بذلك فما ذهب إليه المشهور من أنه لا يقع في رمضان صوم غيره مطلقا هو الأقوى ولكن لا يبعد الالتزام بأنه لو نوى فيه غيره واجبا كان أو ندبا فإن كان ممن يصح منه صوم رمضان صح صومه وأجزء عن رمضان دون ما نواه لما عرفت فيما سبق من أنه لا يعتبر في صوم رمضان عدى حصوله بنية التقرب وقد حصل كذلك وخطا المكلف في تشخيص الامر المتنجز عليه أو زعمه فنوى امتثال امر لا تحقق له دون الامر المتحقق المتوجه إليه لا يقدح في حصول الفعل على الوجه الذي تعلق به الطلب أي وقوعه قربة إلى الله فيكون مجزيا ولا يتوجه عليه الاشكال بما ذكره في المدارك وغيره ففي المدارك قال في شرح العبارة ما لفظه واطلاق العبارة يقتضى عدم الفرق في ذلك بين الجاهل بالشهر والعالم به وبهذا التعميم صرح في المعتبر أما الوقوع عن رمضان مع الجهالة بالشهر فالظاهر أنه موضع وفاق كما اعترف به الأصحاب في صيام يوم الشك بنية الندب وسيجئ الكلام فيه واما مع العلم فهو اختيار الشيخ المرتضى والمصنف هنا ظاهرا وفي المعتبر صريحا واستدل عليه بان النية المشترطة حاصلة وهى نية القربة وما زاد لغو لا عبرة به فكان الصوم حاصلا بشرطه فيجزى عنه ويشكل بان من هذا شانه لم ينو المطلق لينصرف إلى رمضان وانما نوى صوما معينا فما نواه لم يقع وغيره ليس بمنوى فيفسد لانتفاء شرطه ومن ثم ذهب ابن إدريس إلى عدم الاجزاء مع العلم ورجحه في المختلف للتنافي بين نية صوم رمضان ونية غيره ولأنه منهى عن نية غيره والنهى مفسد ولان مطابقة النية للمنوى واجبة وهو جيد ولا يتوجه مثل ذلك الجهل لخروجه بالاجماع وحديث رفع الخطاء والروايات المتضمنة لاجزاء صيام يوم الشك بنية الندب عن صيام شهر رمضان وفي بعضها تلويح بان العلة في ذلك العذر فيتعدى إلى غيره كما سيجئ بيانه انشاء الله تعالى انتهى كلامه و فيه ان صوم رمضان بعد فرض انه لا يعتبر في حقيقته عدى الامساك في هذا الوقت تقربا إلى الله ليس مغايرا لما نواه بل هو عينه ولكنه لم يقصده بهذا
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»