سبخة مالحة يجتمع فيها الماء فيصير ملحا فقال هذا المعدن فيه الخمس فقلت والكبريت والنفط يخرج من الأرض فقال هذا وأشباهه فيه الخمس وعن الصدوق في الفقيه نحوه الا ان فيه فقال مثل المعدن في الخمس إلى غير ذلك من الاخبار التي سيأتي ذكرها انشاء الله فلا اشكال في أصل الحكم وانما الاشكال في تحديد موضوعه فإنه قد اختلف في ذلك كلمات الأصحاب واللغويين اما اللغويون فظاهرهم الاتفاق على أن المعدن اسم مكان كما هو مقتضى وضعه بحسب الهيئة ويساعد عليه العرف في موارد استعمالاته ففي القاموس المعدن كمجلس منبت الجواهر من ذهب ونحوه لا قامة أهله فيه دائما أولا نبات الله تعالى إياه فيه ومكان كلى شئ فيه أصله وفي الصحاح عدنت البلد توطنته وعدنت الإبل بمكان كذا ألزمته فلم تبرح منه جنات عدن أي جنات إقامة ومنه سمى المعدن بكسر الدال لان الناس يقيمون فيه صيفا وشتاء ومركز كل شئ معدنه وفي النهاية الأثيرية في حديث بلال بن الحرث انه اقطعه معادن القبيلة المعادن التي يستخرج منها جواهر الأرض كالذهب والفضة والنحاس وغير ذلك واحدها المعدن والعدن الإقامة والمعدن مركز كل شئ ومنه الحديث وفي مجمع البحرين جنات عدن أي جنات إقامة إلى أن قال ومنه سمى المعدن كمجلس لان الناس يقيمون فيه الصيف والشتاء ومركز كل شئ معدنه والمعدن مستقر الجوهر وهذه الكلمات كما تراها لا اختلاف فيها من حيث المفاد وهى بأسرها متفقة الدلالة على أن المعدن اسم للمحل لا للحال كما انها متفقة الدلالة على أن المعدن له معنيان عام وخاص وظاهر الجميع انه متى اطلق اسم المعدن من غير اضافته إلى شئ يراد به معناه الخاص وهو المكان الذي يستخرج منه جواهر الأرض كما في عبارة النهاية أو منبت الجواهر كما في عبارة القاموس أو مستقرها كما في الجميع واما الصحاح فلم يصرح بمعنى مطلقه بل أو كله إلى وضوحه واما مع الإضافة فيصح اطلاقه على مركز كل شئ أي مكانه الذي خلق فيه بالطبع لا مطلق ما ركز فيه ولو بالعرض فيطلق على الأرض المشتملة على نوع خاص من التراب والحجر أو الرمل ونحوه انه معدن هذا لشئ ولكنه لا ينسبق إلى الذهن من اطلاق اسم المعدن مثل هذه الأشياء بل ينصرف إلى المعنى الأول وهل هو لشيوع ارادته من مطلقه أو لكونه أكمل افراد المطلق أو لصيرورته حقيقة فيه كما ربما يستشعر من كلمات اللغويين احتمالات لا يخلوا ولها عن قوة واما الأصحاب فظاهر هم الاتفاق على أنه اسم للحال لا للمحل فإنهم عرفوه بما استخرج من الأرض وقد اختلفوا من حيث التعميم والتخصيص ففي المسالك قال المعادن جمع معدن بكسر الدال وهو هنا كلما استخرج من الأرض مما كان منها بحيث يشتمل على خصوصية يعظم الانتفاع بها ومنها الملح والجص وطين الغسل وحجارة الرحى والمغرة واشتقاقها من عدن بالمكان إذا قام به لاقامتها في الأرض انتهى وفي الروضة المعدن بكسر الدال و هو ما استخرج من الأرض مما كانت أصله ثم اشتمل على خصوصية يعظم الانتفاع بها كالملح والجص وطين الغسل وحجارة الرحى والجواهر من الزبرجد والعقيق والفيروزج وغيرها وفي الدروس لم يفسر المعدن ولكن صرح بان منها المغرة والجص النورة وطين الغسل والعلاج وحجارة الرحى وتوقف غير واحد في صدق اسم المعدن عرفا على مثل هذه الأشياء التي ليست بخارجة من مسمى الأرض عرفا بل ربما منعه بعضهم مستشهدا لذلك بكلام العلامة وابن الأثير الآتيين في عبارة المدارك وفي المدارك بعدان نقل في تفسير المعدن عبارة القاموس كما قدمنا نقلها قال وقال ابن الأثير في النهاية المعدن كلما خرج من الأرض مما يخلق فيها من غيرها مما له قيمة وقال العلامة في التذكرة المعادن كلما خرج من الأرض مما يخلق فيها من غيرها مما له قيمة سواء كان منطبعا بانفراده كالرصاص والصفر والنحاس والحديد أو مع غيره كالزيبق أو لم يكن منطبعا كالياقوت و الفيروزج والبلخش والعقيق والبلور والشبح والكحل والزرنيق والمغرة والملح أو كان مايعا كالقير والنفط والكبريت عند علمائنا أجمع ونحوه قال في المنتهى وقد يحصل التوقف في مثل المغرة ونحوها للشك في اطلاق اسم المعدن عليها على سبيل الحقيقة وانتفاء ما يدل على وجوب الخمس فيها على الخصوص وجزم الشهيدان بأنه يندرج في المعادن المغرة والجص والنورة وطين الغسل وحجارة الرحى وفي الكل توقف انتهى كلام صاحب المدارك وفي الرياض بعدان نقل عن الشهيدين الجزم بدخول الأمثلة المزبورة في المعادن قال وتوقف فيه جماعة من متأخرين قالوا للشك في اطلاق اسم المعدن عليها على سبيل الحقيقة وانتفاء ما يدل على وجوب الخمس فيها على الخصوص وهو في محله انتهى والعجب من صاحب المدارك وجميع من تأخر عنه ممن عثرنا على كلماتهم انهم نقلوا عن ابن الأثير في تفسير المعدن العبارة التي نقلها في المدارك وجعلوا كلامه معارضا لكلام صاحب القاموس ورجحه بعضهم على كلام صاحب القاموس بان المثبت مقدم على النافي مع أن عبارة النهاية ليست الا كما قدمنا نقلها وهى ليست مخالفة لما في القاموس الا في مجرد التعبير فلعل لابن الأثير نهاية أخرى غير ما رأيناها أو ان النهاية التي نقل عنها في المدارك كانت مشتملة على هذا الزيادة أو انه ذكر ابن الأثير هذه العبارة التي نسبوها إليه في مقام اخر لم نطلع عليه وكيف كان فقد عرفت انه لا اختلاف بين اللغويين في تفسير المعدن وانه اسم للمحل واما الفقهاء فقد جعله بأسرهم اسما للحال فكان منشأه ان غرضهم لم يتعلق به الحكم الشرعي وهو ما استخرج من المعدن لا نفسه فسموه معدنا تسمية للحال باسم المحل واختلافهم في مثل حجر الرحى وطين الغسل ونحوه نشأ من الخلاف في صدق اسم المعدن عرفا على مركز مثل هذه الأشياء كما يقتضيه اطلاق كلمات اللغويين عند تفسيرهم لمعناه الأعم أم يشترط في صدق اسمه عرفا كون ما يستخرج منه من غير جنس الأرض عرفا كما ربما يستشعر من تفسير صاحب القاموس حيث قال مكان كل شئ فيه أصله فإنه مشعر باشتراط المغايرة واعتبار الفرعية بل لا يبعدان يدعى ان هذا هو منصرف كلام من عداه أيضا ممن قال بان مركز كل شئ معدنه حيث إن المتبادر منه إرادة الأشياء الخارجة عن مسمى الأرض وكيف كان فاستفادة ثبوت الخمس في مطلق المعارف بهذا المعنى من الاخبار مشكلة فان المتبادر منها مما عدى صحيحة محمد بن مسلم خصوصا من قوله عليه السلام في صحيحة زرارة التي وقع فيها السؤال عما في المعادن كل ما كان ركازا ففيه الخمس وما عالجته بمالك ففيه ما اخرج الله سبحانه منه من حجارته مصفى الخمس انما هو ارادتها بالمعنى الأخص الذي ادعينا انصراف اسم المعدن إليه ولا أقل من اجمالها وعدم ظهورها في إرادة الأعم واما صحيحة محمد بن مسلم التي وقع فيها السؤال عن الملاحة وان كانت صريحة في إرادة الأعم بناء على ما رواه الشيخ من قوله عليه السلام في الجواب هذا المعدن فيه الخمس و لكنك عرفت انه عليه السلام على ما رواه الصدوق قال هذا مثل المعدن فلا تدل حينئذ على المدعى بل على خلافه أدل ولذا استدل في الرياض بهذه الرواية لا ثبات ان
(١١٠)