شرح شافية ابن الحاجب - رضي الدين الأستراباذي - ج ٤ - الصفحة ٣٩١
وكان سبب قتله أن البسوس - وهي امرأة من غنى، وضربت العرب بها المثل في الشؤم، فقالوا: أشأم من البسوس - كانت في جوار جساس بن مرة، فمرت إبل لكليب تريد الماء، فاختلطت بها ناقة للبسوس، فوردت معها الماء، فرآها كليب، فأنكرها، فقال: لمن هذه الناقة؟ فقال الرعاء: للبسوس جارة جساس، فرماها بسهم، فانتظم ضرعها، فأقبلت الناقة تعج وضرعها يسيل دما ولبنا، فلما رأتها البسوس قذفت خمارها، ثم صاحت: وا ذلاه!
وجاراه! فأغضبت جساسا، فركب فرسه، وأخذ رمحه، وتبعه عمرو بن الحارث ابن ذهل بن شيبان على فرسه، ومعه رمح، فركضا نحو الحمى والخباء، فلقيا رجلا فسألاه: من رمى الناقة؟ فقال: من حلا كما عن برد الماء وسامكما الخسف، فأقررتما به، فزادهما ذلك حمية وغضبا يقال: حلاه عن الماء: إذا طرده عنه، وسام فلان فلانا الخسف: إذا أولاه الدنية.
فأقبلا حتى وقفا على كليب، فقال له جساس: يا أبا الماجد، أما علمت أنها [ناقة] جارتي؟ فقال كليب: وإن كانت ناقة جارتك! فمه؟ أتراك ما نعى أن أذب عن حماى؟ فأغضبه ذلك، فحمل عليه، فطعنه وطعنه عمرو، فقتلاه، وفيه هاجت حرب بكر وتغلب ابن وائل أربعين عاما، وقالت الشعراء في بغى كليب، وضربوه مثلا.
وقوله " ينفذ مثلها " أي: مثل الطعنة التي طعنها جساس بن مرة كليب ابن ربيعة، وحسن إضمار الطعنة وإن لم يجر لها ذكر، لان ذكر المطعون دل عليها وتقدمت ترجمة العباس بن مرداس في الشاهد السابع عشر من شواهد شرح الكافية.
(٣٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 386 387 388 389 390 391 392 393 394 395 396 ... » »»