شرح شافية ابن الحاجب - رضي الدين الأستراباذي - ج ٤ - الصفحة ٣٩٦
على ضرية (1) فوجدها معشبة فأعجبته فأقام بها أياما، وقالت له أم أناس: إني لارى كأني قد نظرت إلى رجل أسود أدلم (2) كأن مشافره مشافر بعير آكل مرار قد أخذ برقبتك، فسمى حجر آكل المرار بذلك، وذكر باقي القصة نحو ما مضى، وروى أيضا أنه إنما سمى آكل المرار لان سدوسا لما أتاه بخبر ابن الهبولة ومداعبته لهند وأن رأسه كان في حجرها وحدثه بقولها له، جعل يسمع ذلك وهو يعبث بالمرار - وهو نبت شديد المرارة - وكان جالسا في موضع فيه منه شئ كثير، فجعل يأكل من ذلك المرار غضبا وهو يسمع من سدوس وهو لا يعلم أنه يأكله من شدة الغضب، حتى انتهى سدوس إلى آخر الحديث فعلم حينئذ بذلك، ووجد طعمه، فسمى يومئذ آكل المرار، قال ابن الكلبي:
وقال جحر في هند:
* إن من غره النساء بشئ... الأبيات " انتهى ما ساقه صاحب الأغاني باختصار قليل.
ولا يخفى أن المشهور أن أم أناس زوجة عمرو المقصور بن حجر بن الحارث ابن عمرو (3)، وإنما سميت أم أناس لان أباها عوف بن محلم أمر أمها لما ولدتها أن تئدها، فقالت: قد فعلت، فربتها حتى أدركت فنظر إليها عوف يوما مقبلة فأعجبه شبابها فقال: من هذه يا أمامة؟ قالت: وصيفة لنا، ثم قالت: أيسرك أنها ابنتك؟
فقال: كيف لي بذلك؟ قالت: فإنها التي أمرتني أن أئدها، فقال: دعيها فلعلها أن تلد لنا أناسا، فسميت أم أناس، وهي أم الحارث بن عمرو المقصور بن حجر.

(1) ضرية: بلدة بين البصرة ومكة.
(2) الأدلم: الشديد السواد.
(3) يدل على ذلك قول عبيد بن الأبرص بعد مقتل حجر:
هلا على حجر بن أمم * أناس تبكى لا علينا
(٣٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 391 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 ... » »»