ألا تراهم قد قالوا: الغؤور، فهو مثل مفعول من الواو لو صح " انتهى.
وقد صححوا أحرفا من ذوات الواو، قالوا: مسك مدووف، وثوب مصوون، وفرس مقوود، والغؤور: مصدر غارت عينه تغور غؤورا، وإنما صح اسم المفعول من هذا التركيب فخالف بذلك اسم الفاعل، لان اسم المفعول غير جار على فعله في حركاته وسكونه كما تجرى أسماء الفاعلين على أفعالها، فلما خالف اسم المفعول فعله فيما ذكرناه خالفه في إعلاله.
وقوله " أتريد قومك - إلخ " الهمزة للاستفهام، وأراد بقومك، بدليل ما بعده، ولما حذف الباء ظهر النصب، وفاعل " أراد " سميك، ويوم القليب ويروى يوم الغدير، وهو اليوم الذي قتل فيه كليب وائل، والقليب: البئر وأراد بوائل بكرا وتغلب ابني وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي ابن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، وأارد بسميه المطعون كليب بن ربيعة بن مرة بن الحارث بن زهير بن خثيم بن حبيب بن تغلب ابن وائل، طعنه جساس بن مرة بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة، فقتله، وكانت العرب تضرب المثل بكليب في العز، فيقولون: أعز من كليب وائل، وكان سيد ربيعة بن نزار في دهره، هو الذي كان ينزلهم في منازلهم، لم يكونوا يظعنون من منزل ولا ينزلون إلا بأمره، فبلغ من عزه وبغيه أنه اتخذ جرو كلب، وكان إذا نزل منزلا ملكئا قذف بذلك الجرو فيه فيعوى، فلا يقرب أحد ذلك الكلأ إلا بإذنه، أو أن يؤذن بحرب، وكذلك كان يفعل في الماء، وفى أرض الصيد، وكان إذا ورد الماء قذف بالجرو، وعند الحوض فلا يقرب أحد ذلك الماء حتى تصدر إبله، وكان يحمى الصيد: فيقول: صيد أرض كذا في جواري، فلا يهاج ذلك الصيد، وكان لا يخوض معه أحد في حديث ولا يمر أحد بين يديه وهو جالس، ولا يحتبى في مجلسه غيره، فصار في العز والبغي مثلا.