من عجبك به وحبك له، فقالت: والله ما أبغضت ذا نسمة قط بغضي له، ولا رأيت رجلا قط أحزم منه نائما ومستيقظا، إن كان لتنام عيناه وبعض أعضائه حي لا ينام، وكان إذا أراد النوم أمرني أن أجعل عنده عسا (1) مملوءا لبنا، فبينما هو ذات ليلة نائم وأنا قريبة منه أنظر إليه إذ أقبل أسود سالخ (2) فمال إلى العس فشربه ثم مجه، فقلت: يستيقظ فيشرب فأستريح منه، فانتبه من نومه فقال: على بالاناء، فناولته فشمه فاضطربت يداه حتى سقط الاناء فأريق، وكل هذا يسمعه سدوس، فلما نامت الاحراس خرج يسرى ليلته حتى صبح حجرا، فقال: [من الوافر] أتاك المرجفون برجم غيب * على دهش وجئتك باليقين فمن يك قد أتاك بأمر لبس * فقد آتي بأمر مستبين ثم قص عليه ما سمع، فأسف ونادى في الناس بالرحيل، فساروا حتى انتهوا إلى عسكر ابن الهبولة، فاقتتلوا قتالا شديدا، فانهزم ابن الهبولة وعرفه سدوس فحمل عليه فاعتنقه وصرعه فقتله، وبصر به عمرو بن أبي ربيعة (3) فشد عليه فأخذ رأسه منه وأخذ سدوس سلبه وأخذ حجر هندا فربطها بين فرسين ثم ركضا بها حتى قطعاها قطعا، هذه رواية ابن الكلبي وأما أبو عبيدة فإنه ذكر أن ابن الهبولة لما غنم عسكر حجر غنم مع ذلك زوجته هند بنت ظالم وأم أناس بنت عوف بن محلم الشيباني - وهي أم الحارث بن حجر - وهند بنت حجر، قال: وكان ابن الهبولة بعد أن غنم يسوق ما معه من السبايا والنعم ويتصيد في المسير لا يمر بواد إلا أقام به يوما أو يومين حتى أتى
(٣٩٥)