شرح شافية ابن الحاجب - رضي الدين الأستراباذي - ج ٤ - الصفحة ٣٥٩
وفى الصحاح: يقال: على بأمره وعييى إذا لم يهتد لوجهه، والادغام أكثر، وأنشد البيت، والنشم - بفتح النون والشين المعجمة -: شجر يتخذ منه القسي، والثمام - بضم المثلثة -: نبت ضعيف لو خوص أو شبيه بالخصوص، وربما حشي به وسد به خصاص البيوت، الواحدة ثمامة قال ابن السيد في شرح أبيات أدب الكاتب: " أصحاب المعاني يقولون:
إنه أراد جعلت لها عودين: عودا من نشم، وآخر من ثمامة، فحذف الموصوف وأقام صفته مقامه، فقوله: وآخر، على هذا التأويل ليس معطوفا على عودين، لأنك إن عطفته عليهما كانت ثلاثة، وانما هو معطوف على الموصوف الذي حذف وقامت صفته مقامه، فهو مردود على موضع المجرور، وهذا قبيح في العربية، لان إقامة الصفة مقام الموصوف إنما يحسن في الصفات المحضة، فإذا لم تكن محضة وكانت شيئا ينوب مناب الصفة من مجرور أو جملة أو فعل لم يجز إقامتها مقام الموصوف، لا يجوز جاءني من بنى تميم وأنت تريد رجل من بنى تميم، وقد جاء شئ قليل من ذلك في الشعر، وأما تشبيه أمر بنى أسد بأمر الحمامة فتلخيصه أنه ضرب النشم مثلا لذوي الحزم وصحة التدبير، وضرب الثمام مثلا لذوي العجز والتقصير، فأراد أن ذوي العجز منهم شاركوا ذوي الحزم في آرائهم فأفسدوا عليهم تدبيرهم، فلم يقدر الحكماء على إصلاح ما جناه السفهاء، كما أن الثمام لما خالط النشم في بنيان العش فسد العش وسقط، لو هن الثمام وضعفه، ولم يقدر النشم على إمساكه بشدته وقوته " هذا كلامه وفيه نظر من وجهين: أما أولا: فلانه لا ضرورة في تخريجه على الضرورة، ولا مانع في المعنى من عطف " آخر " على عودين، إذ المراد جعلت عشها من هذين الجنسين: النشم، والثمامة: سواء كان أحدهما أكثر من الاخر أم لا، وليس المراد أنها لم تجعله سوى عودين لعدم، إمكانه بديهة، والمراد من العدد القلة لا ظاهره،
(٣٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 ... » »»