وقول امرئ القيس: [من الطويل] فوالى ثلاثا واثنتين وأربعا * وغادرت أخرى في قناة رفيض وقول أبى ذؤيب: [من الطويل] فأبلغ لديك معقل بن خويلد * مالك تهديها إليه هداتها على إثر أخرى قبل ذلك قد أتت * إلينا فجاءت مقشعرا شواتها المآلك: الرسائل، والشواة: جلدة الرأس، وهي أول ما يقشعر من الانسان إذا فزع، وهذا مثل، ألا ترى أن أخرى في البيت مفردة مع أن ما قبلها ليس كذلك؟ وأما ما ذكروه من أن آخر إنما يقابل به ما قبله من جنسه فأنهم يعنون به أن يكون الاسم الموصوف بآخر في اللفظ والتقدير يصح وقوعه على التقدير الذي قوبل بآخر على جهة التواطئ، نحو جاءني زيد ورجل آخر، وكذلك جاءني زيد وآخر، لان التقدير ورجل آخر، وكذلك جاءني زيد وأخرى، تريد ونسمة أخرى، فكذلك اشتريت فرسا ومركوبا آخر وأنت تريد بالمركوب جملا، لان المركوب يصح وقوعه على الفرس والجمل على جهة التواطئ، وامتنع رأيت المشترى والمشترى الاخر تريد بأحدهما الكوكب وبالاخر عاقد البيع، وإذا قوبل بآخر ما هو من جنسه فهل يشترط مع صحة وقوعه عليهما اتفاقهما في التذكير؟ فيه خلاف: ذهب المبرد إلى أنه غير شرط، والصحيح أنه شرط، تقول: أتتني جاريتك وامرأة أخرى، فإن قلت أتتني جاريتك ورجل آخر لم يجز، وكذلك لو قلت أتاني أخوك وامرأة أخرى، وإن قلت أتاني أخوك وإنسان آخر جاز إن قصدت بالانسان المرأة، وكذا جاءني أخوك وإنسان آخر إن أريد بالانسان الرجل، وهذا الذي ذكروه من أن آخر يقابل به ما قبله من جنسه هو المختار، وقد يستعملونه من غير أن يتقدمه شئ من جنسه، وزعم أبو الحسن في الكبير له: أن ذلك لا يجوز إلا في الشعر، فقال: لو قلت جاءني
(٣٦١)