منهم؟ قال: نعم، نزل بي الوليد بن يزيد وأخوه الغمر، فجلسا في هذا الموضع.
فأكلا وشربا وغنيا، فلما دب فيهما السكر، وثب الوليد إلى ذلك الحوز (1)، فملأه خمرا، وما زال هو وأخوه يتعاطيان الكأس حتى سكرا، وملأه لي دراهم. فنظر إليه الرشيد (أعني إلى الكأس) فإذا هو لا يقدر أن يشرب ملأه، فقال: أبى بنو أمية إلا أن يسبقونا إلى اللذات سبقا لا يجاريهم فيه أحد، ثم رفع الشراب، وركب من وقته.
(دير نجران (2)) وهو المسمى كعبة نجران، كان لآل عبد المدان بن الديان، سادة بني الحارث بن كعب. وكان بنوه مربعا مستوى الأضلاع والأقطار، مرتفعا من الأرض، يصعد إليه بدرجة، على مثال بناء الكعبة، فكانوا (3) يحجونه هم (4) وطوائف من العرب، ممن يحل الأشهر الحرم، ولا يحجون الكعبة، وتحجه خثعم قاطبة.
وكانوا أهل ثلاثة بيوتات يتبارون في البيع وزيها: آل المنذر بالحيرة، وغسان بالشام، وبنو الحارث بن كعب بنجران; ويعتمدون ببنائها (5) المواضع الكثيرة الشجر والرياض والمياه; وكانوا يجعلون في حيطانها وسقوفها الفسافس والذهب; وكان على ذلك بنو الحارث، إلى أن أتى الله بالاسلام، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم منهم العاقب والسيد وغيرهما للمباهلة، فاستعفوا منها: وفى كعبتهم هذه يقول الأعشى: