عن أشياخ من بني تميم قد أدركوا الجاهلية، قالوا:
وجدنا بالجزيرة زمن عمر بن الخطاب شيخا قديما، قد كف بصره، فسألناه عن مياه بالبادية، فقال: هل وجدتهم توضح، التي يقول فيها امرؤ القيس:
فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها * لما نسجتها من جنوب وشمأل * وهي بين رمل السبخة وأود، التي يقول فيها مالك بن الريب:
دعاني الهوى من أهل أود وصحبتي * بذى الطبسين فالتفت (1) ورائيا * قلنا: لا والله. قال: أما (2) والله لو جئت في ليلة مظلمة، لوقفت علم فم طويها. قال: فقالوا له (3) إن فيها لشجراء (4)، ولم توجد توضح إلى اليوم.
قال: فهل وجدتم السمينة؟ قلنا: نعم. قال: أين؟ قلنا: بين النباج والينسوعة، كالفضة البيضاء، على الطريق. قال: ليست تلك السمينة، ولكن تلك زغر (5)، والسمينة بينها وبين مغيب الشمس، حيث لا (6) تبين أعناق الركاب تحت الرحال (7): أحمر هي أم صفر (8). قال: فوجدنا السمينة بعد ذلك حيث نعت.
قال: فهل وجدتم شرجا؟ قلنا: نعم. قال: أين؟ قلنا: بالصحراء، بين الجواء وناظرة. قال: ليس ذلك بشرج، ولكن ذاك ربض (9)، وإنما شرج بينه وبين مطلع الشمس، في كفة الشجر، عند النوط ذات الطلح.
قال: فوجدت شرجا بعد ذلك حيث نعت.