الفروق اللغوية - أبو هلال العسكري - الصفحة ٣٦
إيجاده (1) له. ويشهد لذلك الاخبار. منها ما روي عن صفوان قال:
قلت (2) لأبي الحسن أخبرني عن الإرادة من الله، ومن الخلق، فقال:
الإرادة من الخلق: الضمير وما يبدو لهم بعد ذلك من الفعل. وأما من الله تعالى فإرادته إحداثه لا غير ذلك، لأنه لا يروي. ولا يهم، ولا يتفكر.
فهذه الصفات منفية عنه تعالى. وهي صفات الخلق. فإرادة الله الفعل لا غير، يقول له: كن فيكون، بلا لفظ ولا قول: ولا نطق بلسان، ولا همة ولا تفكر. ولا كيف لذلك، كما أنه لا كيف له.
وقال بعض المحققين: الإرادة في الحيوان شوق متأكد إلى حصول المراد.
وقيل: إنها مغايرة للشوق (3)، فإن الإرادة هي الاجماع وتصميم العزم. وقد يشتهي الانسان ما لا يريده كالأطعمة اللذيذة بالنسبة إلى العاقل الذي يعلم ما في أكلها من الضرر. وقد يريد: ما لا يشتهيه كالأدوية الشنيعة (4) النافعة التي يريد الانسان تناولها لما فيها من النفع.
وفرق بينهما بأن الإرادة: ميل اختياري، والشوق: ميل جبلي طبيعي. ولذا (5) يعاقب الانسان المكلف بإرادة المعاصي، ولا يعاقب باشتهائها.
وقيل: إرادة الله سبحانه توجب للحق حالا يقع منه الفعل على وجه دون وجه.

(1) في خ: إيجاد.
(2) في ط: قلنا.
(3) الشوق في: الكليات 2: 250، وفيه: الشوق نزوع النفس إلى الشئ. وفي القاموس المحيط (ش وق): "... نزاع النفس... ". والمادة في تعريفات الجرجاني: 135.
(4) في ط: البشعة. (5) في ط: طبعي، ولهذا.
(٣٦)
مفاتيح البحث: الأكل (1)، الضرر (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»
الفهرست